باختتام العاهل الاسباني مؤخرا زيارة للمغرب هي الأولى من ربع قرن، وصف كثيرون الزيارة بالناجحة، إلا أن الملفات العالقة بين ضفتي جبل طارق ليست بأي حال من الأحوال تطوير العلاقات الاقتصادية أو تغيير إسبانيا لنظرتها وتعاملها مع النزاع في الصحراء (مستعمرتها السابقة)، بل إن الأمر يتعلق بتأسيس علاقة مطبوعة بالندية والتعامل الأفقي، ليس فيها غالب ومغلوب، قوي وضعيف، مستعمر {بكسر الميم} ومستعمر {بفتح الميم}، وهو ما تفتقر إليه حاليا العلاقات الاسبانية المغربية التي وسمت على مر التاريخ إما بالحيطة والحذر، أو بالحروب والدم، لتكون الفترات السلمية استثناء كالفترة الحالية التي يحكم فيها الاشتراكيون إسبانيا، مما يعني أنه يمكن بعد سنوات أن يتغير الأمر إلى النقيض في حال وصول اليمين المتطرف بقيادة الحزب الشعبي إلى السلطة خلال الانتخابات القادمة، لتعود بعد ذلك العلاقات الإسبانية المغربية إلى المربع الأول، وهو ما يعني الإطاحة بكل جهود التوافق بين المملكتين التي بدأت مع وصول ثباثيرو إلى قصر المونولكا {الحكومي} في مدريد، ما يعني أن التقارب بين مدريد والرباط ليس بيد القصر الملكي الإسباني، وإنما بيد رئاسة الحكومة بسبب افتقار الملك خوان كارلوس دستوريا إلى أي سلطات تنفيذية، وهو ما ظهر خلال فترة حكم رئيس الحكومة السابق خوسي ماريا أثنار الذي ضغط من أجل أن لا يزور الملك الإسباني المغرب، وهو ما كان بالفعل. من هنا فإن أي تطبيع حقيقي بين إسبانيا والمغرب يجب عليه أن يمر عبر مدينتي سبتة ومليلة والجزر الجعفرية {جزر النكور} بإعلان الأسبان تخليهم عن نزعتهم الكاثوليكية التوسعية التي تعود للقرن 16 الميلادي، و بدء مفاوضات بين البلدين حول مستقبل هذه الأراضي التي مازال احتلالها يشكل غصة في حلق كافة المغاربة، للاتفاق على مخطط زمني بموجبه تسحب مدريد قواتها العسكرية ومستوطنيها من تلك الأراضي، على غرار ما اتفقت عليه الصين من جهة وبريطانيا والبرتغال من جهة ثانية مما أدى لاحقا إلى انسحاب الأخيرتين من هونغ كونغ ومن جزيرة ماكاو. هذا دون إغفال أن يعتذر القصر الإسباني على غرار اعتذاره لليهود، للملايين من أحفاد المورسكيين المستوطنين حاليا بالمغرب بعد طرد أجدادهم من أراضيهم في الأندلس خلال حكم الملكة إيزابيلا وزوجها فيرناندو عقب محاكم التفتيش وهو ما اعتبر في حينه خرقا للاتفاق الذي جمع الملكين الإسبانيين بآخر ملوك الأندلس عبد الله الصغير.