في آخر مثول له أمام محكمة الجنايات في ولاية اترارزه بموريتانيا، شن الرجل الثاني في تنئيم فرسان التغيير المسلح المعارض للحكومة الموريتانية، هجوما لاذعا على نظام الرئيس الموريتاني معاوية ولد سيدي أحمد الطايع، واتهمه بوضع بطانة فاسدة حوله وتمكينها من المؤسسة العسكرية والعبث بالجيش ومقدراته، وقال النقيب عبد الرحمن ولد ميني الذي كان المدعي العام قد طالب بإنزال عقوبة الإعدام به، وقال إن هناك حقائق يجب أن يضطلع عليها الجميع حتى ينصفنا التاريخ ويعذرنا الشعب الموريتاني، إننا نتعرض لحملة إعلامية من النظام تحاول فبركة صورة مغلوطة وسيئة عنا ، وتحدث ولد ميني عما سماه فظائع المنكرات التي قال إنها ترتكب في الجيش الموريتاني من طرف أباطرة النظام وجلاديه، وسرقتهم ونهبهم مقدرات الجيش، وتحويلها إلى جيوبهم وبطونهم وحساباتهم الخاصة، في الوقت الذي يعاني فيه الجنود والضباط الشرفاء من البؤس والشقاء ، كما حمل ولد ميني النظام الحاكم في نواكشوط مسؤولية ما قال إنها تصفيات عرقية شهدها الجيش الموريتاني بداية عقد التسعينيات وراح ضحيتها مئات العسكريين الزنوج، إضافة إلى حملة انتقام استهدفت ضباطا جريمتهم أنهم ينتمون لقبائل ينحدر منها بعض الانقلابيين، وفي معرض رده على طلب النائب العام إنزال عقوبة الإعدام به قال ولد ميني، إنني محتسب عند الله كلما أصابني وسيصيبني، وعلى يقين راسخ بأنني على الحق، وأضاف: لقد جئت من المنفى لأعفي الجنود وضباط الصف الذين كنت أرأسهم في كتيبة الدروع من المثول أمام المحكمة، وأتحمل كامل المسؤولية عن كل ما قاموا به لأنني أصدرت لهم الأوامر بذلك، معتبرا إن وجودي أنا أمام المحكمة يعفيهم هم من كامل المسؤولية، وليس من شرف الجيش أن أتعاقب أنا وهم على قفص الاتهام، فأنا رئيسهم ومسؤول عما قاموا به، وهم أبرياء ويجب أن يطلق سراحهم، ويستطرد ولد ميني قائلا: هذه يا سيدي القاضي محاكمة للجيش الموريتاني، وتشكل خطرا على مستقبله، فعدم احترام القواعد والأخلاق العسكرية هو سبب سقوط بغداد دون مقاومة، لأن الجيش العراقي وهو عال كان يترأسه أشخاص فاسدون من عائلة النظام أو أقاربه، لذلك لم يكن لديهم استعداد للدفاع عن الفاسدين، لا كرها في وطنهم وإنما بغض للطغاة والجبابرة. أما الزعيم المفترض للجناح المدني لتنظيم فرسان التغيير سيدي محمد ولد احريمو فتحدث في مداخلة أدبية رصينة عن معاناته في السجن مع رفاقه وما تعرضوا له من تعذيب، وقال: أنا راض بالقدر خيره وشره، وساخط غاضب على الظلم الذي حاق بي، إن في نفسي شلالا من الأحزان والآهات والآلام ، فمنذ أربعة أشهر ونحن نتعرض لأبشع أنواع التعذيب والتنكيل، منذ أربعة أشهر ونحن يصب علينا العذاب صبا، تعرضنا لما تنهد له الجبال الرواسي، فمن أنواع التعذيب التي أذيقت لنا أن يشد الوثاق في رجلي الشخص ويديه بدرجة تضغط على أعصابه بشكل مؤلم لا يطاق، ثم تشد اليدان إلى الرجلين، ويشرع في ضربه على باطن القدمين واليدين، ثم يبدأ الجلادون في تكسير الأعضاء ولي أصابع الأطراف، والتعليق في وضعية يكون الرأس إلى الأسفل، أما الصنف الثاني من التعذيب فهو أن يصلب المرء على باب أو عمود بشكل آلامه لا تطاق ولا تتصور ويضرب في كل أنحاء جسمه، كل ذلك مع وضع ثلاثة أقنعة بالية رثة نتنة الرائحة على رأسه ووجهه حتى يكاد يموت اختناقا، ويضيف ولد احريموا: كان صوت أقدام الجلاد وهو آت إلينا في بداية حصة من التعذيب، عذابا في حد ذاته، وأنات وآهات المعذبين تضج لها الأرض، وأضاف: كل ما قلته في محاضر التحقيق كان مجرد اضطرابات مشنوق . وقد حمل بعض المحامين الأجانب الذين حضروا المحاكمة النائب العام مسؤولية التعذيب مطالبين بمحاسبته على ذلك.