تتألف "كتائب شهداء الاقصى" التي طلب الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس بدمجها في أجهزة الامن من اجل العمل على وقف العمليات ضد اسرائيل، من مجموعات مسلحة مستقلة تجند اعضاءها من صفوف حركة فتح. وقد ولدت كتائب شهداء الاقصى في اعقاب المواجهات التي وقعت في 29 سبتمبر 2000 بالقرب من المسجد الاقصى في القدسالشرقية واسفرت عن مقتل سبعة فلسطينيين وإصابة اكثر من 200 اخرين بجروح برصاص الاسرائيليين. واندلعت على اثرها الانتفاضة. واكدت انذاك انها تريد "الانتقام لشهداء" تلك المواجهات التي ادت الى اندلاع الانتفاضة عبر مهاجمة المستوطنين والجنود الاسرائيليين وكذلك الفلسطينيون المتهمون بالتعاون مع الاسرائيليين. ومنذ ذلك الحين، اعلنت مسؤوليتها عن مجموعة من العمليات التي استهدفت الاسرائيليين في الضفة الغربية وخصوصا ضد مستوطنين وهجمات وعمليات انتحارية في اسرائيل وفي قلب القدس. وباتت مجموعات كتائب شهداء الاقصى المؤلفة من عناصر تعمل في مجموعات متفرقة في مختلف انحاء المناطق الفلسطينية مصدر قلق كبير يؤرق مضاجع القادة الاسرائيليين ويبث الرعب بين جنودهم ومستوطنيهم في مدن وبلدات وقرى الضفة الغربية وقطاع غزة. وتعمل الكتائب بسرية تامة ولا يعرف عدد عناصرها ومصادر تمويلها لكن مصادر في فتح تقول: انها تضم عشرات الناشطين المسلحين في صفوفها. واتهمت اسرائيل امين سر حركة فتح في الضفة الغربية مروان البرغوثي المعتقل في سجونها بالوقوف وراء تأسيس الكتائب. ولم ينحصر رد الفعل الذي احدثته الكتائب في الدائرة الاسرائيلية بل تعداه الى المراتب العليا في صفوف حركة فتح التي تعتبر بمثابة الحزب الحاكم في المناطق الفلسطينية. وثمة جدل واسع دائر على مستوى اللجنة المركزية لحركة فتح وفي مجلسها الثوري حول ضرورة استمرار عملها او احتوائها او حتى حلها كما يطالب بذلك عدد لابأس به من مسؤولي الحركة. وحسب مسؤولين في فتح فان الاختلاف حول الكتائب ينحصر بين رأيين فقط: ذلك الذي يؤيد بقاءها وافساح المجال امام تواصل عملها العسكري والاخر الذي يريد حلها نهائيا. ويتشكل مؤيدو الرأي الاول من القادة والناشطين الميدانيين مقابل رأي المسؤولين الامنيين والمدنيين من اعضاء الحركة في مختلف مؤسسات السلطة الفلسطينية. وقد اخذ الرأي الداعي الى ابقائها في الانحسار خلال العامين الاخيرين لاسيما وان العشرات من قادتها والناشطين الرئيسيين فيها قضوا في عمليات اغتيال نفذها الجيش الاسرائيلي. وفي حين اعتبر ناصر جمعة، احد قادة الكتائب في الضفة الغربية، ان دعوة عباس الى دمج اعضاء هذه المجموعات لن تجدي نفعا، فانه اكد استعداده للتعاون معه. وقال جمعة في حديث لوكالة فرانس برس ان "استيعاب اعضاء الكتائب (المنبثقة عن حركة فتح) في الاجهزة الامنية لن يحل المشكلة، لان المشكلة ليست في الكتائب بل في الاحتلال (الاسرائيلي) الذي مارس القتل والتدمير". واضاف "لقد طرح هذا الموضوع في اكثر من مناسبة وهناك جزء من الكتائب مع هذا البرنامج الذي يرى في المسألة مشكلة بطالة وايجاد اماكن عمل، ولكن اسرائيل ليس لديها اي نوايا سلام". لكن جمعة اكد ان الكتائب "مستعدة للتعاون مع (ابو مازن) لتوفير اجواء مناسبة للعودة الى طاولة المفاوضات" دون ان يقدم تفاصيل حول ذلك. واضاف "يدرك ابو مازن ان (ارييل) شارون لا يريد المفاوضات ولا عملية السلام ولكنه (ابو مازن) يريد ان يضع حدا للمبررات التي يتذرع بها شارون للاستمرار في العدوان". وكان مسؤول رفيع اكد ان عباس اصدر اوامر بدمج كتائب الاقصى في الاجهزة الامنية في اطار العمل على وقف العمليات ضد اسرائيل. واضاف هذا المسؤول: إن الاجهزة الامنية والسلطة الفلسطينية "بدأت اتصالات مع كتائب شهداء الاقصى من اجل الحفاظ على المصلحة الوطنية وتطبيق القانون". وأكد ان "السلطة الفلسطينية يمكن ان تستوعب جميع المطاردين (من كتائب الاقصى) في الاجهزة الامنية ليأخذوا دورهم في بناء السلطة ومؤسساتها ".