يظن البعض ان من علامات التقوى والخلق والاهتمام بشؤون الامة والتدين دوام العبوس وعدم الضحك والالتزام بالنغمة الحزينة ذات الالوان القاتمة والحق غير ما ذهبوا اليه فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة صاحب المهام الجسيمة يتبسم وينطلق وجهه صلى الله عليه وسلم حتى جمع الامام البخاري احاديث تبسمه وبوب لها بابا فقال: "باب التبسم والضحك" وجمع الامام مسلم في صحيحه احاديث بوب لها الامام النووي فقال في كتاب الفضائل "باب تبسمه وحسن عشرته" وختم الامام الغزالي الربع الثاني من كتابه "الاحياء" ب "آداب المعيشة واخلاق النبوة" وفيه "بيان كلامه وضحكه صلى الله عليه وسلم" وفي التراتيب الادارية للشيخ الكتابي باب "المضحكون والمضحكات في الزمن النبوي" وجمع الشيخ الغماري الأحاديث التي فيها : "ضحك صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه" في مؤلف سماه "شوارق الانوار المنيفة بظهور النواجذ الشريفة" واعد الاستاذ عطاء الله بن عبدالغفار بن فيض ابي مطيع السندي وجمع اربعين حديثا في تبسمه صلى الله عليه وسلم في مؤلف سماه "الأربعون في التبسم الضحك" وعليه كان هذا الجهد لبيان جوانب تبسمه صلى الله عليه وسلم في زمن شعار البعض فيه العبوس والغضب، ولا ازعم اني اتيت على كل ما ورد لكني اخترت اهم مواقف تبسمه صلى الله عليه وسلم. ولقد رتب الرسول صلى الله عليه وسلم على التبسم اجرا فقال: "وتبسمك في وجه اخيك صدقة" وقال صلى الله عليه وسلم: "لا تحقرن من المعروف شيئا ولو ان تلقى أخاك بوجه طلق". وهكذا كان الصحابة رضي الله عنهم، فقد قيل لعمر رضي الله عنه: هل كان اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحكون؟ قال: نعم والايمان والله اثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي، وقد ورد: "كان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يتبادحون بالبطيخ، فإذا كانت الحقائق كانوا هم الرجال" وقد كانت البشاشة صفة غير واحد من الصحابة منهم عقيل بن ابي طالب رضي الله عنه ، فقد قال عنه الامام الذهبي: "ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان بساما مزاحا". وعن كعب بن مالك رضي الله عنه قال : "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا سر استنار وجهه، كأن وجهه قطعة قمر" وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود أبش". وعن جرير عن عبدالله البجلي رضي الله عنه قال: "ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ اسلمت، ولا رآني إلا تبسم في وجهي". وكان صلى الله عليه وسلم يتجاوب مع الموقف الذي يعيشه ولكن بضوابطه صلى الله عليه وسلم، فإذا ضحك صحابته لعله يتبسم فعن جابر بن سمرة قال: "شهدت النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من مائة مرة في المسجد واصحابه يتذاكرون الشعر واشياء من امر الجاهلية، فربما تبسم معهم". وقد ورد ان النبي صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه، والنواجذ: جمع ناجذة وهي الاضراس ، وفي رواية : "حتى بدت انيابه". قال اهل اللغة "التبسم مبادىء الضحك والضحك انبساط الوجه حتى تظهر الاسنان من السرور فإن كان بصوت ويسمع من بعد فهو القهقهة، وان كان بلا صوت فهو التبسم اما اسباب تبسمه صلى الله عليه وسلم فحددها الامام ابن حجر في الفتح فقال: "واسبابها. يعني احاديث التبسم. مختلفة لكن اكثرها للتعجب وبعضها للاعجاب وبعضها للملاطفة". ياسر الحسيني الرياض