لا يخلو أي مجتمع من الفضلاء النبلاء، وهم قلة في مجتمعاتهم، وحري أن نعرج على خلق من أخلاق هؤلاء النبلاء، وهو خلق البشاشة للناس وطلاقة الوجه لهم، ورجل طلق الوجه أي: فرح ظاهر البشر وهو ضد الباسر الذي لا يكاد يهش ولا ينفسح ببشاشة. قال تعالى:"وجوه يومئذ باسرة" أي: مقطبة. وقال تعالى: «ثم عبس وبسر» أي: نظر بكراهية شديدة. وإن أخلاق النبلاء تأبى أن تكون وجوههم باسرة، لأن النبل يدعوهم إلى أن تكون وجوههم باشة هاشة عند اللقاء ولا تكون كالحة باسرة. وطلاقة الوجه من المعروف الذي يثاب فاعله، فعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق» أي: منبسط.. أخرجه مسلم «2626» ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الناس تبسماً وضحكاً في وجوه أصحابه، وتعجباً مما تحدثوا به، وخلطاً لنفسه بهم، ولربما ضحك حتى تبدو نواجذه. و عن عبدالله بن الحارث بن جزاء رضي الله عنه قال: «ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم» أخرجه الترمذي في الشمائل وصححه الألباني. ولقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يوقرون النبي صلى الله عليه وسلم إذ كان ضحكهم عنده التبسم اقتداء به وتوقيراً له. قال أبو جعفر بن صهبان رحمه الله: كان يقال: أول المودة طلاقة الوجه. والثانية: التودد. والثالثة: قضاء حوائج الناس، ولطلاقة الوجه نتائج إيجابية منها حصول المحبة بين المسلمين، وانبعاث الاطمئنان عند اللقاء بهم، وفيها مرضاة لله تعالى، واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وفي هذا الخلق الإعانة على المناصحة المطلوبة شرعاً، وتتأكد فضيلة هذا الخلق النبيل للوالدين والجيران والأصحاب والأقارب، وعلى من ولاه الله ولاية عامةً أو خاصة أن يتخلق بهذا الخلق النبوي، وكذلك فعلى من ولاه الله ولاية خاصة أو عامة أن يتخلق بهذا الخلق فهو أقوم طريقاً وأسعد حاضراً ومستقبلاً، وأن يستحضر كل امرئ الثواب الجزيل الحاصل من التخلق بهذا الخلق النبيل. والله أسأل أن يهدينا لصالح الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا هو سبحانه وأن يصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا هو سبحانه وتعالى. * خطيب جامع بلدة الداخلة «سدير»