حاولت تركيا جاهدة الانضمام الى الاتحاد الأوروبي، ووجدت في سبيل ذلك عقبات، وكانت أوروبا قد وعدت تركيا بالانضمام اليها منذ 42 عاما، لكنها اليوم تحاول ألا تفي بهذا الوعد، وقدمت العديد من المزاعم في هذا الشأن، لكن رئيس الوزراء التركي طيب اردوغان استطاع الرد على هذه المزاعم.. هذا ما يفصله الكاتب في مقاله. في عام 1963م دعمت اوروبا تركيا للاسعداد للانضمام الى الاتحاد باعتبارها دولة اوروبية، فيما سمي باعلان بروكس، في وقت كانت اوروبا فيه تحتاج إلى تركيا ضمن ترتيبات الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي كونها تملك حدودا مباشرة معه والاهم من ذلك مضيق البوسفور، شريان المواصلات البحرية الرئيسي للروس. تغيرت هذه الظروف مع مرور الزمن وها هي أوروبا تسعى للتملص من ذلك الاعلان الذي يهم تركيا اقتصاديا، بغير دخول في التفاصيل الاقتصادية. مؤخرا وقف رئيس الوزراء التركي طيب اردوغان امام الاتحاد، ورد على مزاعم (عدم وصول تركيا إلى مواكبة معايير الاتحاد)، ومنها صدور قانون يعتبر الزنا جريمة، فقال:(قضية الزنا لم تكن بندا في معايير دخول الاتحاد، ودول اعضاء فيه كانت تطبق قوانين مشابهة مثل ايرلندا حتى عام 1981م، وفرنسا حتى عام 1976م). ثم فوجيء الحضور عندما قال اردوغان:(ومن بين 51 ولاية امريكية هناك 23 ولاية تطبق قانون تحريم الزنا) رئيس وزراء فلندا السابق قدم تقريرا الى الاتحاد يبين فيه ان البرلمان التركي راجع 218 قانونا من قوانين العقوبات ضمن حملة الاصلاح السياسي، وبذلك تكون تركيا افضل في تطبيق معايير الاتحاد من رومانيا وبلغاريا، ولا يعقل ان ننضم دول الكتلة الشيوعية سابقا بغير شروط أو قيود، في حين نستحدث لتركيا شروطا جديدة من حين لآخر. جاك شيراك كان اكثر صراحة عندما قال: (يجب ألا يكون الدين هو العائق فالاتحاد الأوروبي ليس ناديا مسيحيا، بقدر ماهو تجمع سياسي واقتصادي وثقافي واجتماعي وجمركي). فيه حاليا 12 مليون مسلم يمارسون مسؤولياتهم كمواطنين يسهمون في حقول التربية والرياضة - زيدان - والتجارة والتنمية والسياسة انتهى. نقل الزميل سليم نصار هذه الصورة من بروكسل، وهي تقول: (الاسلوب التركي يمكن ان يقدم صورة مناقضة لصورة الارهاب تنسجم مع مباديء الديمقراطية والتعددية وتقدم نموذجا مقبولا لدى المسلمين والغرب)، وهو استنتاج صحيح اذا لاحظت اجتياز اردوغان الحاجز اليوناني في زيارة قام بها العام الماضي لاثينا، ثم زيارته لدمشق منهيا بذلك فتورا استمر 18 عاما، وكاد يتحول الى مواجهة عسكرية، وهي خطوات يمكن لها ان تمارس دورا في استقرار الشرق الأوسط بعد سلسلة الاخفاقات في الملف الفلسطيني والعراقي على السواء. ان الواقعية التي يتبعها طيب أردوغان بغير ما تفريط، قد استطاعت ان تصل بوضوح كامل إلى العقل الاوروبي وان تنتقل بالممارسة السياسية في تركيا من عقلية التغلب الايديولوجي والهيمنة السياسية، الى التشبع بروح رجل الدولة المسؤول عن مصائر الملايين من ابناء اليوم واضعاف اضعافهم من ابناء الغد، وهو ما يتجاهله كثير من الناس في بلادنا من مختلف الاجتهادات والمفاهيم.