دب أ لوس أنجليس بدا المشهد كما لو كان جبلا في حالة انصهار حسبما وصفه شاهد عيان. وتحولت قرية لاكونشيتا الصغيرة الجميلة الواقعة على بعد 100 كيلومتر شمال لوس أنجليس إلى قطعة من جهنم عندما تحول الجبل الشاهق الذي يشرف على القرية إلى شلال من الطمي اكتسح كل ما في طريقه. ويقول بيل هاربيسون أحد سكان القرية: "فور خروجي من باب بيتي سمعت ضوضاء شديدة مثل موسيقى البوب .. شخصت ببصري لاعلى فشاهدت أحد جوانب الجبل وقد انهار تماما وراح يخترق بلدتنا الصغيرة". ومن ارتفاع يزيد على 150 مترا فوق القرية سقطت أشجار الصنوبر والسرو في مياه الأمطار الكاسحة المحملة بالصخور والطمي مثل أعواد ثقاب تسبح في جدول ماء. ثم اكتسحت شلالات من الحطام 15 منزلا وعشرات السيارات وأكثر من 25 شخصا.. وأعلن سريعا وفاة ثلاثة أشخاص فيما بدأ رجال الانقاذ عملية بحث محمومة عن ناجين على أمل أن يكون البعض قد وجد ملاذا في بعض الجيوب المفرغة الصغيرة تحت الدمار. ويقول هاربيسون: "قضي الامر في غضون 15 ثانية لا غير .. كان ثمة مجتمع صغير وادع بجوار البحر مزقت هدوءه شلالات اكتسحت بيوته وحولتها إلى أطلال". وقعت الكارثة إثر هطول الأمطار بلا انقطاع فوق جنوب كاليفورنيا لمدة أسبوعين الامر الذي جعل من الشتاء الحالي الأكثر أمطارا في التاريخ المسجل. وغرقت لوس أنجليس في مستنقع مياه بارتفاع 37 سنتيمترا وهي كمية تعادل متوسط عام بأكمله من الأمطار. وسجلت أماكن أخرى في المنطقة أمطارا بارتفاع 60 سنتيمترا. وتسبب هذا الطقس غير المسبوق في وفاة 13 شخصا وإجلاء الآلاف عن منازلهم فضلا عن العشرات من حالات الانقاذ المثيرة لقادة سيارات عندما غمرت مياه الجداول الطرق. لكن لم يكن هناك الكثير الذي يمكن لاي شخص عمله في مواجهة شلالات من الحطام بارتفاع 10 امتار اكتسحت لاكونشيتا في غضون بضع ثوان، وكان هاربيسون واحدا من بين قسم كبير من سكان القرية الذين هرعوا لسحب الاصدقاء والجيران والاقارب من تحت الانقاض، ومن بين هؤلاء جيمي واليت (37 عاما) الذي غمره الطمي. وكان جيمي قد غادر منزله لشراء آيس كريم عندما وقع "الانهيار الطيني" الذي دفن زوجته وبناته الثلاث في منزلهم. وظل جيمي على مدى ساعات يعمل مثل حيوان القندس حتى يصل إلى منزله المدفون في الطمي.. وقال جيمي: "أعلم أنهم موجودون هناك بالتأكيد .. لن أتوقف عما أفعل الآن". وألقى السكان الذين تملكتهم مشاعر المرارة والالم لفقدان الاهل والجيران والمنازل اللوم على مسئولي المقاطعة لتقصيرهم في إحاطة الجبل بالمصاطب والحوائط الداعمة لمنع انهياره.. لكن الخبراء يقولون إن جغرافية المنطقة المحيطة بالقرية المحصورة في شريط ضيق من الارض بين جرف شاهق شديد الانحدار والمحيط تجعلها مرشحة للدمار. فلقد وضع سكان كاليفورنيا- على غرار ضحايا حرائق الغابات هذا العام - أنفسهم في طريق غضب الطبيعة وتجاهلوا المخاطر في سعيهم من أجل العيش في جنة طبيعية.