يحكى في أساطيرنا الشعبية أن (حمارا) قد ربط في يوم من الأيام - ربما عدم وجود مكان له- في إسطبل (حصان عربي أصيل) فأكل من علفه، وشرب من مشربه، وتزين بسرجه. ومارس بعضا من أعماله وتدريباته حتى لقد خيل لذلك الحمار (المغفل) بأنه قد أصبح بالفعل (حصانا) بل و (عربيا أصيلا). يحكى في أساطيرنا الشعبية أن (حمارا) قد ربط في يوم من الأيام - ربما بعدم وجود مكان له- في اسطبل (حصان عربي أصيل) فأكل من علفه، وشرب من مشربه، وتزين بسرجه. ومارس بعضا من أعماله وتدريباته حتى لقد خيل لذلك الحمار (المغفل) بأنه قد أصبح بالفعل (حصانا) بل و (عربيا أصيلا). .. ونظرا لهول التحول الذي عاشه ذلك الحمار في حياته خلال أيام معدودات فلم يصدق (المذكور أعلاه) الحالة التي آل إليها، فأراد التعبير عن شعوره بالفرح فترك لعقيرته العنان (نهيقا) مزعجا صم آذان الجميع. استغرب الجميع أن يخرج من ذلك الإسطبل (نهيق) بدلا من (الصهيل) الذي تعودوا على سماعه، فذهبوا مستكشفين ليفاجئوا بوجود الحمار بدلا من الحصان على أن الأهم هنا هو أن ذلك (النهيق) من جهة، وعلامات الاستغراب التي ارتسمت على وجوه الآخرين من جهة اخرى قد ذكر (ذلك الناسي) بأصل وبأنه مازال (حمارا) كما كان، وكما أراد له خالقه أن يكون. .. إن الفحوى (الرمزية) لهذه القصة تحمل بين ثناياها حكمة رائعة لبني الإنسان على سلوك (حيوان) نسي أصله، وفصله، وتنكر لذاته، وعاش وهما (قاتلا)، لاسيما أولئك الذين يصابون بحالة من (انعدام الوعي) تجعلهم يضعون انفسهم فوق منزلتها الحقيقية وهنا تكون الكارثة، وأي كارثة. إنها في التحليل النهائي تعبير عن (واقع نفسي) يعيشه أولئك الذين ابتلوا بحالة من (غرور غبية) جعلتهم ينزلون من أنفسهم منازل هي ليست لهم وهم ليسوا لها لسبب بسيط جدا ألا وهو افتقارهم لأذنى مقومات تلك المنزلة على الإطلاق. إننا نتحدث هنا عن (داء) لعين يصيب البعض، وما قد ينتج عنه من آثار يعني في النهاية تضخم مفهوم (الأنا) التي قد تبلغ قمة خطورتها عندما يفقد ذلك البعض (وعيه الذاتي) ويبدأ في التعامل مع مكتسبات الآخرين من خلال (لسانه) تارة، و(قلمه) تارة أخرى بعدوانية وشراسة شديدتين ناسيا إن جهلا أم عمدا مدى ما يسببه ذلك ليس من أضرار مادية ومعنوية للآخرين فحسب، وإنما من تهجم لا مبرر له لانجازات يقف امامها كل موضوعي وقفة إجلال وإكبار مقدرا تلك العقول والسواعد التي كانت خلف تلك الانجازات العظيمة. فكم حطم هذا الداء العضال حياة البعض وأحالها إلى جحيم لا يكاد يطاق، وبالذات عندما يستفحل هذا المرض من نفسية ذلك المريض وينعكس سلبا على المحيط الإنساني الذي يعيش فيه، وعندما ينقلب (السحر على السحر) كما يقال، ولا يجد هذا المتجني المريض من الآخرين سوى نظرات الشفقة المصحوبة بنظرات الازدراء والاحتقار. .. فهل هناك ماهو أصبع من حياة (العزلة الاجتماعية القاتلة) التي أصبح هؤلاء البعض يحياها، وما قد ينتج عنها من غربة (موحشة) حتى وهم يعيشون في وسط اجتماعي يعتقدون وهما ان نظرات مفرداته لهم هي نظرات احترام وتقدير؟! .. وهل هناك ماهو ادهى، وأمر من مرض يصور لمن أصيب به انه يعيش في (كوكب عاجي) آخر غير هذا الذي يعيش فيه الآخرون؟! .. وهل هناك أسوأ من لسان لا يخرج منه سوى (شرر قادح) يكوي الآخرين بسعيره، وصاحبه في غفلة منه؟! .. وهل نسي هؤلاء ان هناك (دار آخرة) فيها (سؤال)، يعقبه حساب، وعقاب، ومن ثم جنة، أو نار جاءت رسالة سيد البشر لتنقذنا منها محذرا من أن الألسن التي تفحش بالقول سبب من اسباب تلك النهاية المؤلمة مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم كما جاء في الحديث (وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم) أو كما قال عليه الصلاة والسلام. .... حقا إن التواضع حلة (زاهية) يلبسها الخالق جل وعلا لمن يرضى عنه عملا وقولا وسلوكا. وقانا الله وإياكم شرور داء الغرور وكل ما قرب إليها من فعل أو عمل. وعلي الحب نتلقي