ادت جموع غفيرة صلاة الجنازة على الدكتور عبدالله بن ناصر الوهيبي الذي انتقل الى رحمة الله الثلاثاء الماضي. وشهدت مقبرة النسيم في العاصمة الرياض وسط حضور كبير دفن جثمان الفقيد الذي عرف بحبه للخير وتواضعه واخلاصه وتفانيه والذي يعتبر من اوائل رجالات التعليم العالي في المملكة . وكانت الصور التي ارتسمت على وجوه الحاضرين لدى دفن جثمان الفقيد معبرة عما يكنه له الجميع ممن عرفوه من احترام وتقدير ..وفي منزل الفقيد بحي الملز في الرياض حيث مقر العزاء الذي حضره عدد من اصحاب السمو الملكي الأمراء وعدد من اصحاب الفضيلة والمعالي والوزراء وجمع غفير من محبي الدكتور عبدالله الوهيبي كانت لنا هذه اللمحات عن شخصيته - يرحمه الله - وما كان يتحلى به من حنكة وكفاح واستجابة لهذا وذاك واحترام للرأي الآخر. (اليوم) التقت مع اقارب الفقيد وبعض أبنائه الذين تحدثوا عنه - يرحمه الله - ففي البداية التقينا بعبدالله الوهيبي المستشار في الديوان الملكي وقال: اخي عبدالله - يرحمه الله - كان يعشق الرياضة كثيرا خاصة المشي حيث كان يخصص من وقته ما يقارب الساعة للرياضة يوميا. ووقته الباقي يقضيه في قراءة الكتب والجلوس مع الاصدقاء داخل المنزل في كل ليلة ما عدا الايام التي لا يكون فيها متواجدا داخل المملكة. وقد تعلم اخي عبدالله داخل احضان بلاده العظيمة وبعد ذلك اكمل دراسته في مصر من خلال بعثة رسمية من حكومة المملكة وبعد ان تخرج عاد الى ارض الوطن ليؤدي ما عليه من واجبات ومهام وكان بجانبه عدد من زملائه الاوفياء الذين عملوا باخلاص لهذا الوطن العظيم. اما عبدالرحمن الوهيبي (لواء متقاعد) فقال: الحقيقة ان محبي اخي عبدالله - يرحمه الله - كثيرون لانه كان يحب الجميع وكما شاهدتم ذلك داخل المسجد والمقبرة كيف كان هناك حشد كبير من زملاء واصدقاء اخي اضافة الى ابناء عمه واخوته وكل من له صلة او قرابة به. فكان في الحقيقة محبوبا من الجميع لسيرته الطيبة واخلاقه الحسنة واسلوبه المتواضع مع الصغير والكبير. وقد تقلد في حياته عددا من المناصب الادارية والتعليمية وكان يميل للتعليم بشكل كبير جدا حيث عمل في جامعة الرياض سابقا وحاليا جامعة الملك سعود, لكنه كان لا يحب (الاضواء) اقصد البروز في وسائل الاعلام. وامضى - يرحمه الله - حياته الوظيفية بالرياض حيث عمل في بداية مشواره العملي بوزارة المعارف ثم بجامعة الرياض ثم رئاسة مجلس البنك الزراعي والبنك العقاري وبعد ذلك عضوا في الجامعة حتى تقاعد منها قبل خمسة عشر عاما. وقال ناصر بن عبدالله الوهيبي ابن الفقيد إن والده كان من اكثر المحبين للخير في حياته, فقد عرف منذ طفولته بالتواضع وحسن الخلق, وكان والدي قبل وفاته يتمتع بصحة جيدة ولله الحمد وكان زملاؤه يقومون بزيارته بشكل مستمر وعلاقته بهم طيبة, ولم اذكر في يوم انه سخط او قال في فلان شيئا, بل كان يكرم الضيف ويساعد الفقير والمحتاج دون تذمر. وقد كنت انا بحكم انني اكبر ابنائه ارافقه باستمرار حتى في استقبال الضيوف وتقديم الواجب فكان دائما يعتمد علي منذ صغري وحتى قبل وفاته يرحمه الله. كما التقت اليوم بمجموعة من معارف واصدقاء الفقيد ففي البداية تحدث وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء مطلب بن عبدالله النفيسة عن الفقيد فقال: عندما كنا طلبة في المرحلة الابتدائية كان عبدالله هو مثلنا الاعلى وقد سمعنا عنه كل خير وكنا آنذاك نقرأ على والده -رحمه الله -بعض الكتب وقد تعلمت انا وزميلي عبدالله في مدرسة رياض الخبراء السعودية وكان مديرها فهد السعيد رحمه الله. وكما هو معروف دائما ان الاخ عبدالله هو المرجع الوحيد لنا في اخذ الرأي والمشورة وللاخ عبدالله مواقف جديرة وفزعات قوية معنا. اما المهندس احمد بن عبدالله الزامل رئيس مجلس ادارة دار اليوم فقال: في الحقيقة انني من المعجبين بقدرة - المرحوم- عبدالله الوهيبي على المشورة وتقديم النصح والارشاد في جميع مختلف مجالات الحياة لكل من حوله. وكان - يرحمه الله - يتميز بعقلية متفتحة ولا يتسرع في قراراته بل كان متأنيا وحليما والذي اذكره كذلك عن اخي عبدالله انه يحب العمل باستمرار ومهتم بالقراءة والمخطوطات النادرة. واليوم نحن نفقد رجلا ساهم بماله وجهده وتفكيره في بناء الوطن العظيم والذي يربطني بالأخ عبدالله صداقة قديمة فكنت في الحقيقة من محبيه والمعجبين بتفكيره وقوة حنكته واصراره على موقفه الصحيح. وتحدث لنا احد اصدقائه المقربين احمد الشلفان قائلا: علاقتي مع الدكتور عبدالله الوهيبي - يرحمه الله - كانت من المرحلة المتوسطة ثم الثانوية بمكة المكرمة ثم الجامعة بمصر. وقد كنا ندرس بجامعة القاهرة انا في كلية التجارة وعبدالله في كلية الآداب وبعد ان انهينا الجامعة توقفت عن مواصلة دراستي والاخ عبدالله واصل بكفاح دراسته حتى نال الماجستير والدكتوراة. وكانت آخر مقابلة لي مع الاخ عبدالله قبل خمسة ايام تقريبا حيث كنت جالسا معه في منزله في هذا المكان وكنا نتذكر قصص الماضي خاصة مرحلة العمر التي امضيناها في سنوات كانت عزيزة على قلوبنا كالثلج ولله الحمد. وقد اتصف - يرحمه الله - بالاخلاق الحسنة والسيرة الطيبة منذ طفولته فلم اذكر أنه في يوم ما اخطأ على شخص فكان حليما جدا يعالج الامور بحكمة وهدوء ويستجيب لهذا وذاك ويقبل ويحترم الرأي الآخر. كما كان - يرحمه الله - متفوقا في دراسته حيث نال ارقى الدرجات العلمية منذ ان كان في المرحلة المتوسطة وحتى حصل على البكالوريوس من جامعة القاهرة بمصر وقد كان الاخ عبدالله صاحب فكر سديد وانا احد الاشخاص الذين تأثروا بفكره وقد اكتسبت منه علوما جليلة في نواحي العلوم والثقافة. والذي اعرفه عنه - يرحمه الله - انه كان يقضي معظم وقته في مكتبته داخل منزله وقد اخبرنا ان رمز وجوده داخل المنزل (اضاءة) المكتبة, وبناء على ذلك أصبحنا لا نقترب من المنزل الا اذا رأينا انارة المكتبة. ولم يكن الاخ عبدالله في بداية عمره اجتماعيا الا بعد ان اكمل مراحله التعليمية حيث كان جادا في اكتساب المعرفة والحصول على المؤهلات العالية حيث عمل في بداية عمره مديرا عاما لادارة التربية والتعليم ثم أمينا عاما لجامعة الرياض. واكثر ما كان يحرص عليه - يرحمه الله - فعل الخير الذي لم يفارقه طيلة حياته فكان يبذل وينفق في سبيل الله وكان ذا مشورة وعلم ورأي. وابراهيم المنقور من اصدقاء الفقيد الاعزاء منذ ان كنا في جامعة مصر حيث ابتعثت الدولة ما يقارب 28 مواطنا سعوديا بعد ان اكملوا المرحلة الثانوية بالمملكة الى مصر لمواصلة تعليمهم الجامعي. واذكر من زملائنا يحيى وسعود اليحيى وقد عملا سفيرين للمملكة وحاليا هما متقاعدان وعبدالله البخيت من محافظة الاحساء وعبدالله ابو السمح من الحجاز وجميل عبدالرزاق وبكري شطا نائب رئيس مجلس الشورى وصالح السالم ومحمد ابا الخيل والدكتور عبدالرحمن وعبدالله بخش وامين مفتي والعطاس. (مقبرة النسيم) التي شهدت دفن جثمان الفقيد يرحمه الله اقارب الفقيد