«الطير المحبوس يغرد في رعشة خوف من أشياء لا يعرفها لكن مازال يتوق إليها فيسمع لحنه من أقصى التل لأن الطير المحبوس يغني للحرية.» مايا انجلو شهرزاد من حيث المبدأ أنثى , رغبت أن تخرج عن مألوفها وتحطم قيودها لتنطلق إلى عالم يعتقد البعض انه من المحرمات التي تخدش وجه المجتمع,محاولة النفاذ إلى شقوق وعي الإرادة والصحوة الفكرية , شهرزاد ماهي إلا نموذج لامرأة بمفهوم قديم جديد تعيش انسانيتها بكل مافيها من اتساع مسئولة أمام نفسها عن كل تصرفاتها وأفكارها وتسعى إلى كسب حقها في تحملها للمسؤولية , هي واعية لحدودها وخريطتها الأنثوية و تعي أنها إنسان قبل أن تكون نوعا , لا تتعامل مع نفسها كدمية أرهقتها الأصباغ,بل عقل يفكر ويقرر مصيره بيده , وفضيلتها لا تحددها الأوامر والقيود المسبقة , بل فضيلتها تكمن في ممارستها حقها الكامل في الحرية كإنسان له كرامة وأهلية,هي بحاجة لحريتها ليس لتتحرر من الأخلاق بل لتصنع مبادئها وأفكارها بنفسها دون الوصاية الإجبارية عليها , لأن هذه الوصاية الإجبارية لا تصنع فضيلة أوعقلا , والخضوع يلغي وجود الإنسان وحدوده الفكرية فتتشظى هويته في مرابع اللاشيء الإنساني ,هناك من تعودت على العيش داخل قيودها وترفض فكها بجهل, أو خوف من المجهول هذه الأنثى لم يحن بعد موعد نضجها النفسي والاجتماعي, ولم تع الحاجة إلى فرض كينونتها وحريتها الفكرية والروحية, فهي مشبعة بالهوامش فقط ومعطلة الإرادة , وأمام سلطان الحياة وتناقضاتها نغوص في أعمق نقطة إنسانية فينا لتتحالف الإرادة مع الرغبة بكسب الحقوق المسلوبة عنوة فهناك أشياء لا يمكن تسويتها بالسكوت عنها ,وشهرزاد هنا من محبي الأعمال التي لا تُشرح فهي ليست بحاجة لزمن لتعي الفرق بين ما تريد ومالا تريد, هي فقط بحاجة لمساحة قابلة للريّ من منهل الحرية ,فهي ترفض منهجيا عبارات الخضوع وقواعد المجتمع التي تراها جمالا وثوبا من حرير تعيش تحت نير السكوت المجروح وغير المبرر ,و تعيش كفرد لا يمثل شيئا حاسما في الحياة , وقد كتب الفيلسوف سبينوزا في مؤلفه الشامخ «الأخلاق» إن «فضيلة الحرية ليست في إيثار تجنب المصاعب، بل في إيثار الإقدام على اقتحامها». من هنا لابد أن نتخلى عن التفسيرات النشوئية التي تؤمن بالإسهام الأحادي الجانب من قبل جنس معين في المجتمع إلى المسؤولية المشتركة بين الجنسين , ويقظة شهرزاد في بناء عالم حُر لها تتمتع بكامل الأهلية لتمارس فيه فضيلتها وقراراتها وتفكيرها بوعي ,وحياة فاضلة تكتنفها الكرامة والمشاركة مع أخيها الرجل في وضع حدودها وتخطيط مستقبلها ,هنا سؤال حائر ما الذي يمنع المرأة من الحصول على فرص الحرية فوق الأرض ؟؟ لعل شهرزاد تجيب ذات يوم.