بدأت في القطب الجنوبي والمناطق المحيطة به المعروفة بشدة برودتها وقسوة ظروفها المناخية الحملة السنوية لصيد نوع من الاسماك يعرف باسم الذهب الابيض ويتمتع بقيمة كبيرة لدرجة أنه اجتذب قراصنة العصر الحديث الذين لا يختلفون إطلاقا في شراستهم عن قراصنة الماضي. وتتمتع أسماك باتاجونيان المسننة التي يصل سعر الواحدة منها في أسواق طوكيو ونيويورك إلى ألف دولار بقيمة عالية لدرجة أن العصابات الاجرامية المنظمة بدأت تشارك في عمليات صيدها وأقامت لتجارتها سوقا سوداء تساوى عدة ملايين من الدولارات تهدد بمنافسة تجارة تهريب المخدرات والمهاجرين غير الشرعيين. ويتجاهل القراصنة قواعد الامتناع عن الصيد في المحميات الطبيعية والاتفاقيات الدولية التي تهدف إلى حماية هذه الفصيلة البحرية المربحة تجاريا التي تستغل بالفعل في مناطق أخرى في العالم يسهل الوصول إليها. وتبحر سفن القراصنة بين جبال الجليد في المحيط الجنوبي وتعمد إلى تفادي الرقابة البحرية والجوية التي تفرضها دول المنطقة المسموح لها بالصيد في هذه المناطق للوصول إلى تلك الاسماك الثمينة. وكانت سفينة أسترالية تابعة لخفر السواحل قد طاردت قارب صيد يرفع علم أوروجواي ويحمل كمية من أسماك باتاجونيان لمسافة أربعة آلاف ميل بحري لمدة ثلاثة أسابيع. ويعتقد أن هذا الزورق هو واحد من بين عشرين سفينة قراصنة تقوم بالصيد غير المشروع في المياه الاسترالية في الوقت الحالي. وتشير لجنة الحفاظ على الموارد البحرية في القطب الجنوبي التي تضم 24 دولة الى أن كمية أسماك باتاجونيان التي اصطادتها الدول الاعضاء في اللجنة بشكل مشروع خلال الموسم الماضي تصل على 931ر15 طنا. ولكن الدول الاعضاء التي يتوجب عليها الابلاغ عن أي كمية تصطادها من هذه الاسماك بموجب قوانين اللجنة حتى يمكن للخبراء مراقبة معدلات تكاثرها أشارت إلى اصطياد كمية أخرى من أسماك باتاجونيان تصل إلى 918ر18 طنا في المياه الدولية خارج المنطقة الخاضعة لسيطرة اللجنة. ولكن بعض الدول الاعضاء لا تبلغ عن جميع الكميات التي تصطادها من هذه الاسماك كما يشتبه في أن بعضها يصطاد كميات من الاسماك تزيد عما تعلنه. ويقول جون أنالا وهو كبير العلماء في وزارة المصايد في نيوزيلندا إن التقديرات تشير إلى أن القراصنة يصطادون كمية من أسماك باتاجونيان تزيد عشرة أضعاف عن الحجم المسموح قانونا كما أنهم يصطادون فصائل أخرى من هذه الاسماك التي تعيش في أعالي البحار. ويعتقد أن هذه الاسماك معرضة بصفة خاصة للخطر حيث انها لا تستطيع التكاثر حتى يبلغ عمرها عشر سنوات برغم أنها تعيش حتى سن خمسين سنة. وبالتالي يصعب تعويض الكميات التي تستنفد منها بسرعة كافية. وتشير منظمات حماية البيئة الدولية مثل منظمة السلام الاخضر إلى أنه برغم حسن أهداف لجنة الحفاظ على الموارد البحرية في المنطقة القطبية فإنها لم تثبت فعاليتها في حماية أسماك باتاجونيان في مواجهة عصابات الجريمة المنظمة التي اتفقت مع بعض مسؤولي الموانيء والتجار على مساعدتها في تهريب هذه الاسماك وتسويقها وإخفاء قوارب الصيد وتزوير الوثائق. كما يعتقد أن الطيور البحرية تمثل مصدرا آخر للاخطار التي تتهدد أسماك باتاجونيان خاصة لان هناك عشرين فصيلة من فصائل طائر القطرس وهي نوع من الطيور البحرية الكبيرة تعيش في المحيط الجنوبي. وينبغي على سفن الصيد التي تعمل بشكل قانوني الالتزام بسلسلة من الاجراءات التي تهدف إلى عدم اجتذاب الطيور البحرية من بينها عدم إلقاء بقايا الطعام وغيرها من الفضلات في المياه. ولكن القراصنة يتجاهلون مثل هذه الاجراءات. وتشير التقديرات إلى غرق حوالي ستين ألف طائر بحري سنويا بعد تعثرها في شباك الصيد الطويلة مما يهدد باحتمال انقراض بعض أنواعها. وتحاول شركات الصيد القانونية حل مشكلة القراصنة باستخدام الاموال حيث يعرض اتحاد صيادي أسماك باتاجونيان مكافأة تصل قيمتها إلى مئة ألف دولار أمريكي لمن يرشد عمن يقومون بعمليات الصيد غير المشروعة.