عزيزي رئيس التحرير الفراغ مثله مثل الغول المخيف الذي يفترس الانسان العاطل، فهو من اقوى اسلحة الشيطان ضد الشباب، والمجتمعات التي لا تستثمر شبابها بشكل جيد انما هي مجتمعات تنتحر انتحارا بطيئا. قال الشاعر في الفراغ:==1== لقد هاج الفراغ عليه شغلا==0== ==0==واسباب البلاء من الفراغ==2== ويقول عالم النفس وليم جيمس: اذا قسنا انفسنا الى مايجب ان نكون عليه لاتضح لنا اننا انصاف احياء. فاننا لا نستخدم الا جانبا يسيرا في حدود ضيقة نصنعها داخل حدودنا الحقيقية، إننا نمتلك قوى كثيرة مختلفة، ولكننا عادة لا نفطن لها، او نخفق في استخدامها. وهذا صحيح، اذ ان معظم الناس يبحثون عن وسيلة لقتل الفراغ، او بتعبير آخر لملء الفراغ. وفي هذا المجال توجد وسائل خاطئة ووسائل صالحة، فالفراغ من جهة الوقت يجلب الملل والضيق، واحيانا يجلب ايضا الحزن والكآبة كما يحدث مع بعض الذين يحالون الى التقاعد مثلا. وهناك اشخاص يقولون نريد وسيلة لقتل الوقت دون ان يعرفوا ان الوقت هو جزء من حياتهم، ففي رغبتهم بقتل الوقت انما يبرهنون على ان حياتهم رخيصة في نظرهم. وامثال هؤلاء يضيعون وقتهم في الملاهي او في المقاهي او في الغيبة، او في تبادل الفكاهات، او في التسكع في الشوارع بدون هدف، او في النوم لساعات طويلة، او في قراءة المجلات التافهة بالساعات، او في التزيين الزائد عن الحد خصوصا عند النساء، او في الذهاب للتسوق لساعات طويلة، او في مشاهدة التليفزيون والافلام والمسلسلات والتقليب في القنوات الفضائية بالساعات، او في الحديث في الهاتف مع الاصدقاء اوقات طويلة، او في الانترنت والدخول على مواقع تافهة وغير مفيدة بل على العكس ربما تزيد الطين بلة. والبعض وخاصة الشباب منهم قد يقضي وقته في احلام اليقظة فيجلس الى نفسه وقد سرح فكره بعيدا متصورا انه قد صار كذا وكذا من تخيلات العظمة او المتعة وصار واستوى.. ثم يصحو فيجد نفسه لا شيء!! فيصاب بخيبة الامل التي تؤدي بطبيعة الحال الى الاحباط. واحيانا قد يقضي البعض اوقات فراغهم مع الاخرين، اي ان يبحث الواحد منهم عن زميل او صديق ويظل يتكلم معه مباشرة او عبر الهاتف في كلام مفيد او غير مفيد وغالبا ما يكون كلامه فارغا مثله ايضا، والمهم عنده هو ان يضيع وقته ووقت زميله في اي شيء. والبعض يشغلون وقتهم في الصداقات الضارة، والبعض الاخر يشغل وقته في التدخين، كما لو كان بهذا يسلي نفسه، والبعض يسد الفراغ بفراغ وهلم جراه. اني لاعجب كثيرا من هؤلاء الذين يستهينون بوقتهم هكذا، بينما ان هناك اشخاصا كبارا يبحثون عن الوقت فلا يجدونه من فرط كثرة مسئولياتهم وكثرة انتاجهم حتى انهم حينما يرحلون عن هذه البسيطة يتركون خلفهم فراغا كبيرا، لان كل واحد منهم كان مجموعة من الشخصيات في شخصية واحدة. وللاسف انه في كثيرمن الاحيان قد لا يهتم الاباء لاشباع عاطفة آبنائهم بسبب انشغالهم طوال اليوم في العمل لكسب المال حتى اذا رجع الى البيت يكون منهكا وغير متفرغ لتدليل اولاده او يرجع لمجرد حفظ الضبط والربط في محيط البيت فينهر ويعاقب ويفقد مشاعره كأب ليحتفظ بمسؤوليته وهيبته كرب اسرة. وكذلك الحال بالنسبة الى الام اذا كانت من النساء الموظفات حيث تنشغل عن اطفالها وتتركهم الى عناية الخادمات التي اصبح من ضمن مسؤولياتها وواجباتها الامومة وتربية الاطفال بالنيابة عن آبائهم وامهاتهم. وهناك اشخاص عندهم فراغ في الفكر اذ ليست لديهم قدرة على التفكير العميق وليس لهم سوى التفكير السطحي، واحيانا لا يفكرون على الاطلاق تفكيرا يشبعهم، وليست لهم قدرة على التأمل وبالتالي ليست لهم اهداف كبيرة في حياتهم فهم يعيشون على هامش الحياة وحياتهم عبارة عن فراغ في فراغ. يمكن استثمار اوقات الفراغ في مزاولة جوانب عديدة من الانشطة، منها: الجانب الثقافي، والجانب الرياضي، والجانب الفني، فهناك الكثير من الامور المفيدة التي يمكن للمرء ان يقضي فيها اوقات فراغه ويستفيد منها مثل: القراءة، والاطلاع على الصحافة فهناك الصحف والمجلات الاخبارية التي تهتم باخبار الرياضة، والسياسة والعلوم والفنون وشؤون البيت.... الخ. وكذلك البرامج الاذاعية الهادفة، ومن مما لا شك فيه ان للبرامج الاذاعية اثرا كبيرا في بناء الشخصية فهي تنمي لدينا القيم الايجابية اللازمة والعادات الصحيحة وتزودنا بالعديد من المعارف والمهارات. كذلك البرامج التليفزيونية الهادفة حيث ان للتليفزيون قدرات كبيرة تجعله في مقدمة مصادر الاتصال، وبطبيعة الحال فان لكل برنامج ايجابياته وسلبياته، ولكن علينا ان نحرص على مشاهدة البرامج الهادفة والمفيدة. والعبادة (من صلاة ودعاء وقراءة القرآن الكريم.. الخ) وصلة الارحام ايضا هي امور من شأنها ان تطرد الافكار السيئة من العقول، ونكون بذلك قد اصطدنا عصفورين بحجر، فهي من ناحية مرضاة لله سبحانه وتعالى ومن ناحية اخرى هي وسيلة ناجحة للقضاء على اوقات الفراغ التي من الممكن ان تستغل في امور سيئة. @@ رائد عبدالعزيز القديحي