عزيزي رئيس التحرير رأينا في شهر رمضان كيف يقبل الناس صغاراً وكباراً على الصلاة والدعاء وتلاوة القرآن الكريم في المساجد، ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، تستنفر كل طاقاتها وإمكانياتها لتهيئة المساجد والجوامع وتزويدها بكل ما تحتاجه من تكليف أئمة لصلاة القيام والتراويح، وتوفير المصاحف والفرش والتكييف والإضاءة، وتكثيف الرقابة والمتابعة لمؤسسات الصيانة والنظافة المتعهدة، ومراكز الدعوة والإرشاد هي الأخرى تستنفر طاقاتها في توزيع الكتيبات والنشرات والمطويات التي تبين أحكام الصوم، وكذا الدعاة في إلقاء المحاضرات والندوات عن نفس الموضوع. والدولة أعزها الله تبذل الأموال الطائلة في سبيل ذلك حيث إن بالمملكة قرابة الخمسين ألف مسجد في المدن والمحافظات يضاف إليها الفرش والتكييف والإنارة والمياه والمصاحف، ومكافأة الأئمة والمؤذنين والخدم والمراقبين، وكذلك رواتب الموظفين القائمين على هذه المساجد. ومع قيام دولتنا الرشيدة بواجبها خير قيام يبقى دور المواطن والمقيم إذ يقول المولى جل وعلا في محكم كتابه : (وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً) (الجن) فالمساجد لله سبحانه دون سواه والكل مسؤول عنها حكومة وأفراداً، وكل مسلم يرتادها ويصلي فيها مسؤول عن إنشائها وبنائها وترميمها والعناية بها عملا بقوله سبحانه: ( إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر) (التوبة) وعمرانها يكون بإنشائها وتوفير مستلزماتها، وصيانتها وترميمها، وإماطة الأذى عنها، والتردد عليها للصلاة والذكر، وإقامة حلق العلم وتحفيظ القرآن الكريم، ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: ( من بنى له مسجداً صغيراً أو كبيراً بنى له الله بيتاً في لجنة) . والمسلم مسؤول أيضا عن المحافظة على نظافة المساجد وطهارتها وإظهارها بالمظهر اللائق بها، والله سبحانه أمر بأخذ الزينة لها في الملبس والمظهر، فيجب على المسلم أن يرتادها بالملابس النظيفة الساترة لا كما يفعل إخواننا عمال المصانع والورش والدهانات الذين تتسخ فرش المسجد بهم، أو كما يفعل البعض من الذين يرتادونها بملابس النوم. والمسلم مسؤول أيضاً عن إماطة الأذى والتقاط العيدان، وقد جعل الإمام البخاري رحمه الله باباً بهذا المعنى، والمسلم مسؤول بكف الأذى والتعدي عليها وعلى مرافقها من تكييف وإنارة وفرش، والمحافظة على الأبواب والنوافذ، والنهي عن سوء استخدام المياه واصطحاب الأطفال غير المدركين لها وترك البالغين، والتناصح في ذلك، فلو أن منزل أحدنا يرتاده الضيوف خمس مرات في اليوم والليلة وبأعداد كبيرة ويستخدمون جميع مرافقه من فتح وغلق للابواب والنوافذ، وفتح وغلق لأجهزة التكييف والإنارة، بصورة متكررة، واستخدام دورات المياه عشرات المرات في الزيارة الواحدة كيف ستكون حاله؟؟ ولكن هذا حال بيوت الله. وإني أدعو أهل الخير والمحسنين في بلادنا- إلى إنشاء المساجد في الأحياء المحتاجه، وعلى الطرق السريعة، وحفر الآبار حولها، وجعلها وقفاً عليها، مع تخصيص عقار أو أسواق ملحقة بها وقفاً عليها بحيث يعود ريعها على تلك المساجد للعناية بها وتوفير مستلزماتها وتأمين ما تحتاجه، وكل ذلك من الصدقة الجارية التي يعود أجرها على المسلم حتى بعد موته، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علماً علمه ونشره وولداً صالحاً تركه ومصحفاً ورثه أو مسجدا بناه أو بيتاً لابن السبيل بناه، أو نهراً أجراه أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وصاية يلحقه من بعد موته)). وليتصور أخي المحسن كم عدد المرات التي يرفع فيها الأذان من مسجد بناه، وكم مسلم يرتاده في اليوم والليلة يعبدون الله سبحانه ويذكرونه ويدعون لمن بناه ويترحمون عليه، ألا يوجد بينهم من هو مستجاب الدعوة، إن بناه من مال حلال ولم يقصد رياء ولا سمعة. فبادر أخي المحسن إلى دفع عجلة التنمية ومساعدة الدولة في إقامة المشاريع الخيرية وفي مقدمتها بناء المساجد وترميمها وتجهيزها لما فيها من نفع لعموم المسلمين، وقد وافق المقام السامي على إنشاء صندوق الوقف الخيري لإعمار المساجد وترميمها، وبإمكان أي متبرع أن يضع فيه ما يجود به، وبما يستطيع ليساهم في العناية بالمساجد. @@ عبد اللطيف حامد البليهشي مدير العلاقات العامة بفرع الوزارة بمنطقة المدينة المنورة