الأقوياء فقط يقررون مجرى اللعبة ولاعبيها، وهذا ما نشاهده اليوم في مسرح الأحداث الأليمة التي يعيشها العراق بصفة عامة والفلوجة الحزينة بصفة خاصة. ولقد شاهدنا عبر الفضائيات العربية والأجنبية ما قام به الجنود الأمريكيون من قتل وحشي للعراقيين العزل في مدينة الفلوجة المنكوبة والتي لم يحترم الأمريكيون في هذا الخصوص معاهدة جنيف فيما يتعلق بأسرى الحرب والمدنيين.. القتل الوحشي لعراقي جريح أعزل في مسجد بالفلوجة له أبعاد خطيرة بلا شك. لم يكن ذلك الجريح يوجه أي خطر يذكر للجنود الأمريكيين، لكنهم قتلوه، بل وقتلوا غيره من الجرحى الذين لم نر ما واجهوه من تعذيب وقتل لم تستطع كاميرات المصورين الوصول إليهم. إن معاهدة جنيف توصي بمعاملة أسرى الحرب بالاحترام والحسنى، ناهيك عن المدنيين العزل والأطفال والنساء والشيوخ الذين ليس لهم دور فيما يدور من عنف. الحقيقة الصعبة هي أن حقوق الإنسان تهدر من دولة تنادي بها وتستخدمها ضد الدول العظمى مثل الصين وروسيا، وتخالفها في العراق لأنها لا تخدم مصالحها. عالم القوي الذي يلقي بظلمه على الشعوب المستضعفة لأن القيادات العربية غارقة في مشاكلها التي خلقتها على مرور التاريخ، حيث تعرف الولاياتالمتحدة نقاط ضعفها. وما الاستقالات الجماعية في حكومة بوش للفترة الثانية إلا أحد المؤشرات على عدم الرضا على ما يقوم به الصقور من حرب ضروس ضد شعب العراق الذي عانى الكثير من صدام والأمريكيين. فالأجدر بالولاياتالمتحدةالأمريكية محاولة الوصول إلى عقول العراقيين بالمعاملة الحسنة ومواساتهم على ما عانوه من جوع وفقر أثناء الحصار الذي ذهبت بسببه حياة الكثير من الناس، وبخاصة الأطفال الذين ماتوا من سوء التغذية والعلاج. قال أحد الأمريكيين المنتقدين لسياسات حكومة بوش بأنه يخجل مما يقوم به من يسمون أنفسهم جنود الحرية والديموقراطية، بل ويشك في أنهم هبطوا على سطح القمر، حيث يقول أنه من السخرية أن يهبط الأمريكيون على سطح القمر الذي يعني أنهم على مستوى عال من العلم والحضارة لأنها لا تنعكس على سطح الأرض المليئة بالظلم والمجاعة والفقر. إن ما يحدث في الفلوجة من تجاوزات لحقوق الإنسان يضر بمصالح امريكا في العالم العربي، بل ويجعل أصدقاء المصالح من العرب يشعرون بعدم الطمأنينة. الولاياتالمتحدة بحاجة لتوعية جنودها بما تعنيه معاهدة جنيف بشأن أسرى الحرب والمدنيين العزل، حيث تذهب حياة الكثير من الأبرياء نتيجة جهل الجنود بالمعاهدات الدولية التي ترمي إلى حماية حياة الإنسان. وكما ننكر الهجمات الإرهابية للحادي عشر من سبتمبر 2001م فإنه يجب أن يكون هناك نهاية للإرهاب المنظم ضد المدنيين العزل في العراق سواء من قبل قوات التحالف بقيادة الولاياتالمتحدة أو ما تقوم به جماعات تقطيع الرؤوس باسم الإسلام الذي هو بريء منهم كل البراءة.. والجريح الذي يستسلم لا يعد مقاتلاً عندما يضع سلاحه، بل يعتبر أسير حرب يعامله من أسره بالحسنى حتى يتخذ الإجراء المناسب قي حقه.