رغم اختلاف بعض السياسات في كثير من اقطار العالم مع السياسة التي كان ينتهجها (الختيار) قبل رحيله الا ان ما يميز المرحلة العرفاتيةفلسطينيا وعربيا تمكنها من اعادة كرامة الشعب الفلسطيني اليه، فبعد نكبة عام 1948 حيث طبق وعد (بلفور) المشؤوم بحذافيره على الشعب الفلسطيني فانتهكت حرية ابنائه وسلبت حقوقه المشروعة في غفلة عن اعين المجتمع الدولي تمكن عرفات من نقل حالة شعبه من حالة اللجوء والارادة المسلوبة الى حالة جديدة تمكن معها من ممارسة العمل السياسي لصناعة الغد الفلسطيني المنشود، وكانت الضريبة المدفوعة للانتقال الى هذه المرحلة الحيوية هي المزيد من دماء الشهداء الفلسطينيين في الانتفاضتين الأولى والثانية وكان من نتائج ذلك جنوح العالم او معظم دوله على الأقل لتأييد مشروع اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وبعد رحيل عرفات فان من الضرورة بمكان الحفاظ على خط سيره الواضح المتمحور في التمسك بالإنجازات التي حققها والانطلاق من النقطة التي وصل اليها لإتمام مسيرته وإكمال حلمه المشروع بقيام دولة فلسطين، فالمواجهات التي خاضها عرفات ضد الكيان الاسرائيلي انطلاقا من الاردن ولبنان وسورية دفعت الى تعاظم الثورة الفلسطينية واعتراف اسرائيل بوجود الشعب الفلسطيني بعد نكران طويل، فخلال عقود اربعة سقط الألوف من الشهداء الفلسطينيين وهم يدافعون عن كرامة شعبهم وحرياته، وقد ادى اتفاق اوسلو الموقع عام 1994 الى عودة الوهج من جديد الى قضية فلسطين، فالكفاح من داخل الارض التي يسعى الفلسطينيون الى تحريرها افضل بمراحل عديدة من الكفاح خارجها، وازاء ذلك فان الرفض العرفاتي لتصفية القضية الفلسطينية ورفضه التخلي عن حق اللاجئين في العودة ورفضه التخلي عن اجزاء اساسية من القدس العربية ادت الى جولات جديدة من العنف بين الفلسطينيين والاسرائيليين، ورغم اخطاء عرفات السياسية الا انه سيظل رقما صعبا في المعادلة العربية/ الاسرائيلية، وستدخل القضية الفلسطينية بعد رحيله في مراحل جديدة لابد من الحرص فيها على استكمال مشروع الدولة الفلسطينية المنشودة واستكمال استثمار جهاد طويل على مدى قرن من عمر هذه القضية العادلة.