الاستاذ الرائع والاب الحنون (ناصح الرشيد) حفظه الله.. كلما مررت على كلماتك لأعيد قراءتها.. باغتني حزن صامت.. وحنين، صعب نحو جواب لا يأتي. تفاصيل كلماتك الدافئة، كلماتك الرائعة لدرجة الابداع.. حكاية الابوة معك والمختومة بشمع الحنان.. وحزني الذي يندلع على حرارة اوراقي، فتأتي حرائق صمت كلماتك اكثر شدة. حنين، يدفعني الى البكاء عند عتبة حنانك.. احببت كلماتك حين احببت نبل اخلاقك الممتدة الى كل ما حولك. ارفض ان اصدق انك لم تجد لي حلا، وانك تركت الرد علي الى اناس اجهل تفكيرهم كجهلي بأخلاقهم. لا اريد ان اصدق ان كلماتك الدافئة لن تعانق حزني وتعبي من الاوجاع، وان حلولك الرائعة لن تجلب لي اقراص فرحي الملونة الصغيرة. لقد اعطيت قلبي الصغير اجازة من التفكير منذ ان خططت بدمائه رسالتي الاولى.. منتظرة الرد على احر من الجمر.. عشت طيلة ذلك الوقت بكل طقوس الاحزان.. وكأن البكاء قدر علي ان اعيشه.. طوال تلك الفترة ، تركت في روحي المتعبة بقايا أمل يحتضر.. كأن اللاوعي عندي يرفض الاعتراف بأن الامل لن يكون له حضور آخر في حياتي بعدما فاجأني ردك. اعترف، شعرت بالهزيمة، وبالانهيار، وبخيبة الأمل.. في البداية وانا اقرأ كلماتي، فرحت، بل وصرت استعجل نهاية سطورها، حتى تقع عيناي على ردك. ولكن وفجأة .. غادرني الفرح، كالحلم.. وتساءلت في حزن مرير.. لماذا كل شيء له وقت محدد وينتهي؟! لماذا يفرض الحزن ذاته علي، رغم هيامي بالفرح والسعادة؟! كانت رسالتي تجربة صغيرة لعقاب اكبر اكثر صعوبة ومرارة وألما عظيما لايود ان ينتهي.. ليت الحزن والألم لم يكن ذات يوم سيد المشاعر.. وليت الوجع لايمر بروحي، فيعبث بها حتى يحل الخراب والنهايات الموحشة بعيني، فأذبل ببطء كما تذبل الازهار. ابي الغالي: اهرب من الحزن.. من عالمي المزدحم بالآهات، بالاوجاع بالشعور بالالم، من الاحساس بالوحشة والوحدة والضياع.. من الغصات التي تأكلني بلا ماء.. من الآهات التي تفترسني.. اهرب الى الله.. ثم الى كلماتك الصادقة.. استمد من خلالها الامل الضائع.. والقوة.. لأواصل طريقي في الحياة.. رغم اسوداده.. لاطفئ ما اشعله والدي وعائلتي كلها من اوجاع داخل قلبي.. لأدفن آلامي داخل ضمير متعب.. مرهق.. ولادفن الاحزان داخل قلبي الذي يحتضر.. ابي.. قد ابتسم يوما لكن ابتسامتي مليئة بالدموع والألم .. فحلمي بالفرح يقتله الواقع.. حيث لا اجد ابا او اما يضماني بحنان.. بل اجد نفسي محاطة بشباك من الاوجاع.. تنقض علي ولا تبقي مني سوى بقايا ألم، بقايا انسانة اكل عليها الحزن وشرب.. اوحال كراهية اهلي واحقادهم تناثرت على احلامي واصابت روحي بورم خبيث.. ومشاعري باحتقان حاد، ودموعي بمغص لاشفاء منه. اصبحت غريقة في بحر الاحزان واسيرة في سجون الضياع، وفي متاهة الالم كنت اسير ومازلت اسير فيه زمنا طويلا لاحصر لايامه. ابي.. عندما صافحت عيناي كلماتك ، شعرت بأنني اصافح روحي التي تنزف.. فدبت الحياة في اوصالها، ولم تبق في دمعة الا وارادت الخروج اعلانا عن مدى الألم الذي كنت احسه وكنت اخبئه لسنوات.. انني يا ابي الحنون اعيش قوانين الغاب حيث الحكم للاقوى.. وكل يوم فيه، تعصف بي اغبرة الاحزان، لتشعل كبريت دموعي لتزرع الاورام في مشاعري.. لتهشمني وتنثر روحي كشظايا على الارض.. لترعبني حد الموت.. ماذا اقول لك يا ابي.. فقد ضاعت الحروف والكلمات في فمي، وتاهت كل المعاني في ذاكرتي.. يتلبسني الآن احساس قاتل بالهم والعجز، وهاهي الدموع مقبلة على سماء عيني، لم تلبث غصات الالم الا يسيرا، حتى اتتني هذه اللحظة.. اراها تمشي سريعا نحوي بلا احترام.. يملؤها احساس الملكة على مشاعري.. جعلتني انتفض من الالم.. وكيف تريد لمصباح الامل ان يضيء في موضع استقر فيه الخوف والاضطراب عندها لن يبعث النور الا نجسا، مضطربا.. كاضطراب روحي الآن نظرت لكلماتك مليا .. اقطع الطرف بيني وبينها .. كأنني اعرفها واجهلها ثم تبينتها.. حتى انهشتني وهشمت ما تبقى من فرح بأعماقي.. لقد كانت كلماتك رغم بساطتها الا انها لم تكن لغة مفهومة.. ولم يتكلم بها قديما او حديثا.. واعترافك بموهبتي لم تمنع اساطين الدمع من استعمار عيني.. ولم تنزع ألغام الكرب من دروبي.. ودعوتك للقراء لم تخلص قلبي من شيطان الهم الاسود.. ولم تحررني من هواء الألم العفن. ومع ذلك.. اقول لك من الاعماق: شكرا يا ابي.. ابي الغالي: كل مفردات اللغة العربية لايمكنها ان تصف جمال التقاء الاب بابنه.. وضمة الاب المحب لابنه، احساس لا يمكن ان يستعار من مصدر آخر، كما لايستعار المولود لبطن لم يحمله.. فهل تستطيع كلمات العربية كلها على جمالها وتنوعها وتفردها ان تصنع من الحنان والدفء والحب تمثالا بديعا يجسد على ارض الواقع؟! اتمنى ان احصل منك على رد.. ملاحظة هامة جدا: لم اكن لاحرص ان تنشر قصتي على صفحات الجرائد، او على زاويتك كل ما اردته ان احصل منك على حل لكربتي التي احالت حياتي الى جحيم لاينتهي، فعندما رأيت قصتي على الورق بكيت، وشعرت بالذنب لانني اخذت مساحة اناس لديهم مشاكل مادية او مرضية بحاجة الى المساعدة.. ومن ذلك اليوم وانا في صراع داخلي مع ما حدث.. فلذا هذه الرسالة ليست للنشر وانما لتوضيح امور يجب ان توضح حتى تكون على بينة من الامر لنجد حلا مناسبا وليس لاستعمار صفحة كاملة من الجريدة كان الاولى ان تنشر فيها مشاكل المحتاجين.. وجزاك الله خيرا.