في معرضها الشخصي الأول الذي افتتح الاسبوع الماضي ومازال يستقبل زواره تغامر التشكيلية آمال العميرين برصيدها من اعمال فنية شاركت ببعضها من قبل في معارض جماعية لتضعه امام المتلقي في محاولة لرصد ردود الافعال التي يمكن لها الانطلاق منها ربما لمرحلة اكثر تحققا ونضجا. المعرض الذي ينقسم الى جزءين حمل احدهما مجموعة الاعمال (17) عملا تشترك جميعها في كونها محاكاة لأماكن تراثية من مناطق المملكة المختلفة تضمنت مساجد, وبوابات, وقصورا, وحصونا, وقلاعا, ومنازل وازقة ومراسي. وكلها اعمال زيتية تكشف عن قدرات فنية وموهبة طور التشكيل تذكرنا بالفنانة الرائدة صفية بن زقر التي قدمت الكثير من الاعمال التي ترصد لاماكن وزوايا من مدينة جدة وهذا الجانب التوثيقي من الفنون له جمالياته الخاصة التي يمكن الوقوف عندها والتي تكشف قدرات الفنان على اختيار زاوية الرؤية والتقاط المشهد المتاح واسباغ عنصر الزمنية عبر السطوح والملامس والعلاقات اللونية وتوزيع الكتل في فضاء اللوحة مع محاولة تأكيد التشابه بين العمل الفني (اللوحة) وبين المكان المختار اذ لايملك الفنان القدرة الواسعة على التخييل والابداع لانه مقيد بأطر التاريخية, التي تطلب المحاكاة وهنا استدعاء للمقارنة بين عين الكاميرا وعين الفنان وايهما قادر على الرصد والفنية؟ والاجابة على هذا السؤال تتوقف على امور كثيرة لسنا بصددها الان, ولكنا في حضرة التشكيل نرى ان اللوحة الفنية هي الاكثر قربا الى عين المتلقي اذا ما توافرت فيها عناصر الابداع ونستطيع ان نقول ان العميرين وفقت في اعمالها التي تغلفت بالكلاسيكية والمدرسية في الاداء ربما لطبيعة الموضوع وربما لعدم اكتمال الجانب الخبراتي الذي يمكن الفنان من التجريب والمغامرة. وننتقل الى الجزء الثاني من المعرض وفي الحقيقة نشعر بنقلة كبيرة ليست في صالح الفنانة فاختيار الموضوع وهو هنا (النخلة في القرآن الكريم) واستدعاء آيات من القرآن ومحاولة كتابتها بالخط او الزخرفة لم يغفرا للعميرين افتقاد الجانب الجمالي الذي هو محور العمل التشكيلي فلا الخطوط ولا الالوان ولا اضافة بعض العناصر التصويرية أفلحت في تبرير افتقاد الجمالية والفنية في هذا الجانب, فقد كنا بازاء تمارين على الخطوط اوالرسم لخطاط او رسام طور التدريب فالاعمال مدرسية تماما وتوظيف الخط يحتاج الى خبرة وفهم لماهية الخط والفرق بين الخط العربي والعمل الفني الذي يوظف الخطوط والحروف والكلمات كمفردات تشكيلية وتمنيت لو ان الفنان قد استغنت عن الجزء الثاني ووزعت لوحاتها في الجزء الاول على المعرض بشكل يسمح للمتلقي بالوقوف امام كل عمل بارتياح. وفي الحقيقة رغم قدرات وموهبة آمال العميرين الا اننا نلاحظ من خلال متابعتنا لأعمالها في المعارض الجماعية انها ترتكز على الجانب المفاهيمي والتعليمي ولاتدفع ريشتها وخيالها الى الخروج والبحث والتجريب بعيدا عن الاطر المدرسية فذلك هو المحك الذي يقود الفنان الى عالم الابداع الحقيقي اذ يمكن لعمل واحد يتسم بالفنية والابداع ان يعبر عن الكثير من انتماء الفنان وعلاقته بالارض والوطن والواقع.