(كشفت دراسة للجنة القانونية للاستثمار بغرفة تجارة الرياض ان ثلثي رجال الاعمال يتجاوزون الانظمة بالوساطة او وسائل اخرى من بينها الرشوة لعدم مرونتها او توافقها مع متطلباتهم). هذا الخبر طالعتنا به احدى الصحف وهو خبر يثير الاسى والحسرة, لان التحايل والرشوة اصبحا الطريق الممهد لقضاء المصالح واتمام الصفقات في دنيا الاعمال. اذا كانت النظم والاجراءات المطبقة في المؤسسات العامة تجبر رجال الاعمال على السير في الطرق الخلفية فهي كارثة بكل المقاييس, واذا كانت هذه هي اخلاقيات معظم رجال الاعمال في بلدنا فتلك كارثة اكبر..! ينبغي ان ندرك ان التقدم والتطور هما منظومة متكاملة, تلك المنظومة تحوي اجزاء مختلفة ولكنها متفقة في الهدف المرغوب, وحتى تسير المنظومة بشكل صحيح ينبغي على كل جزء ان يمارس دوره بشكل صحيح. فالنهوض بالنشاط التجاري والاستثماري في الدولة له الكثير من المتطلبات أهمها وأشملها ايجاد المناخ الذي يدفع هذا النشاط نحو الأمام, والمؤشر الاساسي لمدى جودة هذا المناخ يتمثل في تسهيل اجراءات الاستثمار وعقد الصفقات التجارية. انني على يقين تام باننا لو قمنا بمراجعة هذه الاجراءات للتعرف على مدى جدواها وتوافقها مع توجهات الدولة نحو تشجيع حركة الاستثمار, سنجد الكثير من الاجراءات تسير في الاتجاه المعاكس ولا تتوافق مع هذه التوجهات, وعلى يقين تام ايضا بأنه اذا قمنا باجراء دراسة ميدانية للتعرف على المعوقات التي تواجه رجال الاعمال في تعاملهم مع المؤسسات العامة سنكتشف ان هناك الكثير من المبررات التي توجه رجال الاعمال نحو الطرق على الابواب الخلفية. هذا عن الكارثة اما الكارثة الاكبر فتتمثل في تخلي رجل الاعمال عن المرجعية الدينية في دنيا الاعمال والتجارة هناك فتنة المال, والانسان عندما يفتتن بالمال كل ما يشغل باله هو كيفية الاستحواذ على اكبر قدر من المال. هذا الانسان لايقف احد في طريقه, وهو ماض دائما في تحقيق غايته ولن يسمح للآخرين بعرقلته.انها قضية اخلاقية بالدرجة الاولى, وتنمية الوازع الديني لدى هذا الانسان هو افضل الحلول, أتصور ان رجال الاعمال في بلدنا بحاجة مستمرة الى تذكيرهم بان التجارة لاتعني ان كل شيء قابل للبيع والشراء, هناك قيم وثوابت في ديننا الحنيف لاتقبل المزايدة والتحايل, هناك قوانين ربانية غير قابلة للاختراق. هناك دستور الهي غير قابل للتعديل. من وجهة نظري ان مراكز الدعوة والارشاد يجب ان تطور اسلوب عملها, فتتوجه بنشاطها الى كل فئة على حدة, وتبدأ بتنظيم محاضرات دينية موجهة الى رجال الاعمال والتجار وتحتوي هذه المحاضرات على اطروحات دينية تتناول نواحي مختلفة ترتبط بالعمل التجاري, من المفيد ايضا ان تكون هناك لافتات معلقة في كل المؤسسات امام اعين الموظفين ومرتادي هذه المؤسسات، تلك اللافتات تذكر بالقيم التي يحث عليها الدين والتجاوزات التي ينهي عنها الدين. اتصور ان عقد دروس دينية في المؤسسات بين حين وآخر يسهم في تنمية الوازع الديني لدى الموظفين. اذا كنا تمكنا من اجراء دراسة توضح نسبة رجال الاعمال الذين تجاوزوا الانظمة فجدير بنا الآن ان ندرس كيفية تصحيح الاوضاع. علينا ان ندرس كيفية تشجيع رجال الاعمال في بلدنا على الدخول من الابواب الشرعية وعدم محاولة الطرق على الابواب الخلفية. استاذ ادارة الاعمال والتسويق المساعد* [email protected]