أكدت الأبحاث العلمية الحديثة ان الاحساس بالذات لا يظهر الا عند الفرد الذي يعيش في مجتمع حيث يتوافر مبدأ الأخذ والعطاء (التفاعل) بينه وبين الآخرين، فالطفل مثلا ليس مجرد مقلد للأساليب الاجتماعية التي يتبعها الكبار الذين ينشأ في وسطهم ولكنه يكتشف نفسه وطبيعته الاجتماعية خلال عملية التقليد والمشاركة والأخذ والعطاء في الحياة الاجتماعية بما استدرك من معان ورموز. فالطبيعة الانسانية أو الشخصية أو الذات تتضمن وعي الفرد بنفسه أي بقدرته على التميز في جسمه واجسام الآخرين وبين ما له من صفات وما للآخرين، فالذات ظاهرة متطورة وليست شيئا يوجد جاهزا كاملا فطريا عند الفرد انما هي صفات متكاملة تنمو من الخبرة الاجتماعية والنشاط الاجتماعي الذي يتضمن علاقة الفرد بالأفراد الآخرين. ومن ثم فإن الذات تنمو في سياق الوعي الاجتماعي للفرد أي عندما يصبح موضوعا لنفسه فيدرك اتجاه الآخرين نحوه في البيئة الاجتماعية ومحيط الخبرة وفي السلوك الاجتماعي الذي يتضمن سلوكه وسلوك الآخرين. والذات والشخصية نتاج اجتماعي وهما يتشكلان نتيجة تفاعل الفرد في البيئة الاجتماعية الاولى التي ينشأ فيها الطفل الا وهما الاسرة فالاسرة وحدة اجتماعية صغيرة تحدث فيها استجابات الطفل للعلاقات المحيطة به اسريا وهي التي تكون ذلك السلوك. يتعلم الطفل استخدام جملة (أنا) التي تعبر عن النفس نتيجة لتفاعله مع غيره من الأفراد الذين يستخدمونها ويتطور استخدام الطفل لها ويساعده هذا على تميز نفسه الناشئة عن نفوس الأفراد المحيطين به. ويمكن أن تحدد هذا المفهوم الاجتماعي لتكوين الذات أو الشخصية: @ ان الشخصية تنمو في عملية تفاعل اجتماعي من خلال بناء المشاعر الذاتية وتقدير الآخرين له. @ ان عملية النمو تمتاز بالاستمرار للسواء الايجابي او السلبي والمتأرجح. @ ان الذات تنمو وتتفاعل على أساس وعي مستمر بالآخرين اذ بدون هذه العلاقة المستمرة مع الغير وشعور الفرد بهذه العلاقة لا ينمو الوعي بالذات. فنمو الذات يأتي من مشاركة الفرد مع الآخرين وادراكه المعاني التي تتضمنها هذه العلاقة والأدوار الاجتماعية التي يقوم بها هؤلاء الآخرون وعلاقة دوره بهم فالشخصية نتاج علاقات اجتماعية تتضمن آدابا عامة تتضمن الموروث الثقافي والديني والاجتماعي كاحترام الوالدين والرأفة بالصغير وزيارة المريض واسلوب أكله... الخ، وليس للفرد بداية وانما هو حلقة في تتابع الحياة. @ علي أحمد الحمد/ مدير مركز التنمية الاجتماعية بالاحساء