تفنن ابو يوسف الكندي في ترجمة الكتب والشرح والتعليق على المستصعب وتبسيط العويص. وعمل المستحيل في ميداني الطب والكيمياء، لذا ذاع صيته بين معاصريه كمترجم متمكن، حيث ترجم بكل نجاح كلا من كتاب المجسطي لبطليموس وكتاب الأدوية المفردة لجالينوس ترجمة رائعة جدا. لذا قال ابو معشر البلخي حذاق الترجمة في الاسلام اربعة: حنين بن اسحاق، ويعقوب الكندي، وثابت بن قرة الحراني، وعمر فرخان الطبري، وبدون شك ان ترجمته الكتب العديدة في العلوم جعلته ذا اطلاع واسع. ومن أقوال يعقوب الكندي المأثورة التي أوردها ظهير الدين البيهقي في كتابه تاريخ حكماء الاسلام هي: @ اعتزل الشر فان الشر للشرير خلق. @ من لم ينبسط بحديثك، فارفع عنه مؤونة الاستماع منك. @ اعص الهوى، ولا تغتر بمال وان كثر. @ لاتطلب حاجة الى الكذوب، فانه يبعدها وهي قريبة. @ لاتطلب حاجة الى جاهل فانه يجعل حاجتك وقاية لحاجته. @ لاتنجو مما تكره حتى تمتنع عن كثير مما تحب وتريد. كان أبو يوسف الكندي من المعجبين بطريقة أرسطو طاليس في تصنيف الكتب، لذا قرأ مؤلفاته واستوعب محتوياتها خاصة الافكار الفلسفية. فحلق الكندي في سماء العلوم الفلسفية. وكما كان في طبيعته ميالا الى القيام بالبحوث الطبيعية لاكتشاف المجهول، فقام بدراسات عديدة في حقل علم الكيمياء لابراز الحقائق العلمية التي لاغبار عليها. لذا ذاع صيته بين معاصريه في تقصيه الحقائق العلمية التطبيقية والنظرية، واظهارها للقارئ في اسلوب سهل مرتب، لأنه منذ نعومة اظفاره وهو يبحث وينبش في تراث الاوائل في كل من العلوم التجريبية والعلوم النظرية، لذلك استوعبها احسن استيعاب واخرجها للملأ في ثوب جديد. كان ابو يوسف الكندي ثاقب الذهن صحيح النظر صادق الروية جم المواهب، مولعا بالايضاح والاستنتاج، وذا جلد عظيم على العمل في العلوم التطبيقية وفي مقدمتها علم الكيمياء. الحق ان ابا يوسف الكندي غني عن الاطراء. لقد تعددت نواحي عبقريته، فوقف عملاقا شامخا في العلوم التطبيقية والنظرية وعلى رأسها علما الكيمياء والفلسفة. فصحح الكثير من النظريات والافكار التي ورثها من الاقدمين. ومن هنا صدرت له شروح وتعليقات في غاية الأهمية على جميع الكتب التي ترجمها العلماء اليونان وغيرهم. لذا لا عجب اذا لمع اسمه وطارت شهرته بين علماء العلوم في العالم عبر العصور.