ربما أننا محظوظون هذا اليوم بلقاء عميد المحررين الشعبيين الأستاذ محمد بن دخيل العصيمي إن كانت المقابلة قد تمت حسب إعلان الزملاء في الملحق ، فهذه الشخصية المنكرة للذات والبعيدة عن الزعم الفارغ و الادعاء الملتف على الحقيقة ، يعتبر هو أول من أدخل الشعر الشعبي للصحافة الخليجية قبل أكثر من خمسين عاما من خلال مجلة اليمامة في عهد علامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر وصفحة البادية التي كان يعدها بأسلوب أدبي رفيع يتناول فيه آداب البادية وهمومها مع شيء من الشعر، ثم انتقل مع الشيخ عبدالله بن خميس عندما أسس جريدة الجزيرة، بل إنه شارك في العدد الأول منها، وأرشيف المجلة (اليمامة) والجريدة (الجزيرة) ينسفان كل مزاعم الذين يبنون لأنفسهم مجد الريادة ، وفضيلة الأسبقية بلا براهين تصمد أمام النقاش، وتعضد الزعم الذي أصبح ملعباً مكشوفاً يتجاذب فيه هذا أو ذاك المجد المتروك بلا نقاش مستغلين صمت الرجل، وترفعه عن مثل هذه المكتسبات الشخصية البسيطة، والتي يراها المتنازعون عليها أنها يجب أن لا تذهب لغيرهم حتى و إن كانت البراهين والوثائق، تثبت أنهم تلاميذ غير نجباء في مدرسة محمد بن دخيل العصيمي، وانساقوا خلف نوازع الذات البشرية، واستغلوا حالة الارتباك التي تعيشها الساحة الشعبية، لينسبوا لأنفسهم ما ليس لهم، وبعيدا عن الانحياز والتجني ليس هناك من اثنين يرددان زعم الأسبقية مثل الزميل راشد بن جعيثن وهو الأقرب لأرشيف مجلة اليمامة وأظنه قادرا على الاطلاع على أرشيف المجلة الذي لا يسند مقولة أنه عميد المحررين الشعبيين بل يعطي العمادة والريادة للسيد العصيمي ،وكذلك طلال السعيد الذي يظن أن التاريخ ينام أو يغفل عن تسجيل الأحداث ، ليقوم كل محب لذاته بكتابة ما يحلو له بعيداً عن المسئولية التاريخية التي يفترض أن تكون هي المرجعية الرئيسة في ذلك ، ولكن ربما أن السيد طلال السعيد لا يكره شيئاً ككرهه لتاريخ الأدب الشعبي الذي ربما أن هناك الكثير من مفاصله قد يجرد السيد السعيد من الكثير من الأشياء الجميلة التي يحيط نفسه بها. ولعل ما يحسب للعميد العصيمي هي ديناميكيته الفكرية، خصوصاً أنه سبق أن تولى مناصب حكومية غاية في الأهمية وتنقل بين مدن المملكة وتعرف على أكبر قدر من شرائح المجتمع و لذلك فهو يملك عقلية منفتحة، وفكر نشط قادر على التفاعل مع كل المستجدات الأدبية والمدارس الشعرية التي تأسست في عهد النهضة السعودية المجيدة ، لذلك فهو لا يجد غضاضة في الاعتراف بتفوق الجيل الحالي على الجيل الذي ينتمي له، بالرغم من كل الاختراقات الرهيبة التي يعانيها الشعر الشعبي، ولكن رجلا بكل مقومات السيد العصيمي ومعطياته الفكرية قادر على التعرف على ملامح الحركة الأدبية بعكس الآخرين الذين كانوا من أسباب ضياع الشعر وعرضه على الأرصفة، ولكنهم لنرجسيتهم وحبهم الطاغي لذواتهم ، لا يعترفون بتفوق هذا الجيل الذي سحب البساط من تحت أقدامهم المهتزة في معابر الشعر ، علما ً بأن الشعراء الحقيقيين من أبناء هذا الجيل ، لا يعتبرون أنهم في معزل عن الجيل السابق ولكنهم يعترفون بكل فخر بأنهم امتداد طبيعي لجيل الرواد الحقيقيين ، ويدركون أن المتاح لهم من علوم ومعارف ووسائل اتصالات وتقلص المسافات بين ثقافات الشعوب هي التي منحتهم مساحات إبداع لم تكن متاحة لمن كان قبلهم. أكتب هذه المقالة وأنا لا أعرف هل لقاء عميد المحررين الشعبيين الأستاذ محمد بن دخيل العصيمي قد تم وهل سيطالعنا في هذا العدد من ملحق (في وهجير) فأنا أتعامل مع المحلق عن بُعد ، كأي قارئ أو شاعر يرسل مادة عبر البريد الإلكتروني ، ولكني متأكد من أنكم ستشاهدون لقاء مختلفا عن كل اللقاءات المعتادة لأقطاب الساحة التي تتحدث عن (الأنا) بطريقة مملة حتى وهي تقول الحقيقة ، فكيف والكثير من اللقاءات تنسج من الأمنيات والخيال الكثير من المزاعم حول ذات المتحدث . أرجو من كل زاعم ومدع أن يعرف أن التاريخ لا يقبل الزيف والخداع ، وأن الحقيقة أشبه بالشمس قادرة على نسف كل الحكايات التي تنسج بليل ، وعلى المصابين بمرض (الأنا) أن يكتفوا بمكاسبهم غير الأدبية التي نالوها من امتطاء الشعر ، وأن يتركوا تاريخه يقول الحقيقة المسكوت عنها أزمنة طويلة. فكل قول ٍلايقوم على دليل ، يبقى عرضة للنسف والإلغاء مهما أثير حوله من هيجان إعلامي لا قيمة له. في الختام أقدر للزميل سالم صليم ، إلقاء الحجارة في برك تاريخ الشعر الراكدة من خلال استضافة الأستاذ محمد بن دخيل العصيمي عميد المحررين الشعبيين في الخليج والجزيرة العربية، وأتمنى أن يكون قد تطرق في اللقاء إلى بداياته الصحفية، لتوقف الآخرين عن حكاياتهم المملة.