لم يعد توني بلير شابا صغيرا وهو يعترف بذلك. فرئيس الوزراء البريطاني الذي كان يبدو كالشباب فقد جزءا من شعره وارتسمت خطوط عديدة على وجهه لتعبر عن القلق الذي انتابه منذ تولي منصبه في مايو من عام 1997. ودخل بلير المستشفى الجمعة للمرة الثانية خلال عام واحد للعلاج من قلب مريض وهو ما دفع إحدى صحف الفضائح لان تخرج بعنوانها الرئيسي يتساءل "هل اقتربت نهاية عهد بلير؟" وزاد من صحة التكهنات تقارير إخبارية أفادت بأن أسرة بلير اشترت منزلا في أرقى أحياء العاصمة لندن بعد أعوام من إقامتها في داوننج ستريت استعدادا للاقامة فيه بعد خروجه من منصبه. لكن بلير الذي بلغ 51 عاما في شهر مايو الماضي أكد رغبته في الفوز بالانتخابات العامة المقبلة وبقائه في منصبه لمدة ثلاث سنوات أخرى تنتهي في عام 2009. وإذا حقق بلير هذا سيحتل بلير المركز الثاني بعد مارجريت تاتشر رئيسة الوزراء البريطانية السابقة التي قضت 11 عاما في منصبها. وقال بلير في حديث تليفزيوني "إذا ما انتخبت فسأستمر في منصبي لفترة ثالثة ولكني لن أسعى للتجديد للمرة الرابعة .. فأنا لا أعتقد أنه يتعين على رئيس وزراء أن يمضي كل هذا الوقت في منصبه ولكني رأيت أنه من الصواب أن أعلن عن خططي من الآن." أن هذا التصريح أسفر عن "زلزال سياسي." ولم يعلن أي رئيس وزراء في بريطانيا عن موعد رحيله عن منصبه مسبقا في تاريخ بريطانيا وهو الامر الذي أثار دهشة الاوساط السياسية البريطانية. فرؤساء الوزراء كانوا يخسرون الانتخابات مثلما حدث مع جون ميجور أو تعزلهم أحزابهم مثلما حدث مع مارجريت تاتشر أو يعلنون استقالتهم ويتنحون فورا عن المنصب مثلما فعل هارولد ويلسون. ويرى كثيرون من المعلقين البريطانيين أن بلير أصبح "بطة عرجاء" لان الموعد المحتمل لخروجه من منصبه تحدد بالفعل. وقالت صحيفة تايمز إن ما فعله بلير مثل تحية الوداع المفاجئة. ويتوقع أن يتسبب هذا الاعلان في مزيد من التوتر مع جوردن براون وزير الخزانة البريطاني الذي تنحى عن قيادة الحزب لصالح بلير قبل عشرة أعوام ويرى أنه المرشح المناسب ليخلف بلير. ويزيد عمر براون عن عمر بلير بسنتين أي سيصبح عمره 58 عاما في عام 2009 وهو ما يعني أن عامل كبر سنه ربما يعرقل توليه المنصب. وما زال ألان ميلبورن وهو من المقربين من بلير في قائمة المرشحين حيث يبلغ من العمر 46 عاما. وليس من عادة رؤساء الوزراء البريطانيين اختيار موعد خروجهم من المنصب. ففي عام 1953 اضطر ونستون تشرشل إلى الخروج من منصبه إثر إصابته بأزمة قوية في أعقاب مرض استمر لعامين. ولم تكن صحة رئيس الوزراء حينئذ من الامور التي تسلط عليها الاضواء من قبل وسائل الاعلام مثلما هو الحال الآن. وسيحدد مسار الاحداث أي تطورات مقبلة بشأن قلب بلير. وكان مكتبه قد أعلن في أكتوبر من العام الماضي ان مرض قلبه هو أمر عرضي لن يتكرر ثانية. واليوم قال متحدث باسم بلير إن الجراحة التي أجريت له الجمعة ستحل مشاكل قلبه.