كانت تانغ جيان بين اثنى عشر شخصا امضوا الليل مؤخرا امام مخزن حكومي للتبغ على امل وضع ايديهم على سلعة هي واحدة من اندر السلع الحصرية في الصين: سجائر باندا. وهذا مع العلم ان تانغ, البالغة من العمر 49 عاما, لا تدخن! الا ان سجائر باندا التي قد يصل ثمن العلبة الواحدة المحتوية على 20 سيجارة الى 10 دولارات, والتي تحمل صورة لزوج من دب الباندا المعروف - لها قيمة كبيرة لتقديمها كهدية. وقالت تانغ انها تأمل ان تهدي سجائر الباندا لوسطاء بغية مساعدة ابنها على الحصول على وظيفة جيدة. وقال شخص اخر انه يشتري السجائر لاهدائها لرئيسه. وفي النهاية, كان الجمهور الذي وصل الى المكان في الصباح الباكر حاشدا وعدوانيا الى درجة ان تانغ ازيحت من المكان الذي سهرت عليه طوال الليل فلم تتمكن حتى من شراء علبة واحدة من السجائر الفاخرة. ان الطلب على سجائر الباندا هو شهادة على ادمان الصينيين للتدخين وعلاقتهم القوية بدينغ زباوابينغ الزعيم الذي ادخل الرأسمالية الى الصين. ان دينغ نادرا ما يظهر في صورة بدون سيجارة باندا, ويقال انه ظل يدخن حتى اخر لحظة قبل وفاته في العام 1997 عن 92 عاما. والآن اطلقت مجموعة شانغهاي للتبغ, الشركة التي تصنع سجائر باندا, حملة تسويق واسعة لتوسيع جاذبية ماركتها. وقد اعيد تصميم العلبة ورفعت اليافطات الترويجية في محلات بيع التبغ الحكومية واخذت تزيد من شحناتها الى المحلات لتضمن وجود كميات كافية على الرفوف في الذكرى المئوية لميلاد دينغ. وقال احد مديري الشركة - طالبا عدم ذكر اسمه - ان سجائر باندا التي بدأ انتاجها في العام 1956 اصبحت سيجارة النخبة الاولى عالميا. وان الشركة كانت تنتج منها مالايزيد عن بضع مئات من العلب سنويا. وقد كانت السيجارة المفضلة للزعيم ماوتسي تونغ - كما اقبل عليها كبار جنرالات الجيش. وفي السنة الماضية بلغ سعر عبوة تزيينية تحتوي على علبتي سجائر باندا ما يوازي مائة ودولارين. واليوم قد تباع العلبة محدودة الكميات بضعف ذلك السعر. لقد خفضت شركة شانغهاي تلك الاسعار غير ان سجائر باندا لاتزال اغلى بستين مرة من بعض السجائر من السوق الصينية التي يوجد فيها اكثر من 100 ماركة محلية. وتكلف علبة باندا ستة اضعاف ثمن بعض ماركات السجائر المستوردة, مثل سجائر مارلبورو. وترفض الشركات ان تكشف النقاب عن حجم انتاج سجائر باندا الحالي. ويقول موظفون في اثنين من محلات شانغهاي التي يديرها احتكار التبغ الحكومي ان كميات سجائر باندا تنفد بسرعة, ولكن عدد العلب التي توضع على رفوف البيع يوميا يظل سرا. ومثل تانغ, قليلون من الزبائن الذين يشترون تلك السجائر يدخنونها بانفسهم, بل يهدونها للاصدقاء ورؤساء العمل والمسؤولين الحكوميين, ويتلقى احد اطباء شانغهاي, وهو لا يدخن, علب باندا كثيرة كهدية من المرضى الذين يعالجهم. هواة التدخين خارج الصين يثيرون التساؤلات والشكوك حول جاذبية سجائر باندا. يقول ماكس ارفينغ مدير شركة تشانسلر توباكو البريطانية التي تصنع سجائر ذات الرأس المصنوع من الالومنيوم والتي تباع بسعر 30 دولارا للعلبة, ان سجائر باندا هي ماركة غرور يشتريها الجنرالات الصينيون للتباهي بها ووضعها على طاولاتهم. ومع ذلك يحتفظ ارفينغ نفسه بعلبة باندا في مكتبه. ويقول جيفري هان, التايواني - الامريكي المقيم في بيجينغ والذي يبيع السجائر والقداحات ومواد تدخين واشياء اخرى على الانترنيت, ان سعر سجائر باندا سخيف. الا انه يؤكد ان ثمة زبائن في الولاياتالمتحدة يدفعون اسعارا مرتفعة للحصول على سلع يصعب العثور عليها, وانه يستقبل كثيرا من الصينيين الذين يقيمون في الغرب ويفتقدون السجائر الصينية. الا ان عادات التدخين الصينية مثيرة للقلق - اذ تقول منظمة الصحة العالمية ان 30 في المائة من 5.5 تريليون سيجارة يتم تدخينها عالميا كل سنة تستهلك في الصين وجمعية السرطان الامريكية تقول ان وباء التبغ يجتاح الصين. عبوة سجائر باندا الجديدة صممت من اجل مكافحة خطر عصري - قراصنة السلع الصينية الذين ينتجون بضائع مزورة من كل نوع, من اقراص دي. في. دي الى قمصان رالف لوران وسجائر مارلبورو. ان الوان العلبة الجديدة تتغير تحت الاشعة دون الحمراء, وعندما تشعل سيجارة باندا يظهر شعار الشركة على الفلتر.