(الوطن ).. عندما تلمس تلك الكلمة أوتار العقل والقلب تشعر بالجذور العميقة التي تربطنا بهذه الأرض الغالية . علينا أن نعترف بأننا وبعد هذه السنوات الطويلة منذ أن ضمت هذه القبائل المتفرقة مملكة واحدة ونحن ننهل من خير هذه الجزيرة العربية قلبا وقالبا ، ولطالما ظننا بأن هذا الخير موصول لأزمان ، ولكن دوام الحال من المحال . وفي بوتقة الارهاب والرغبة في الاصلاح تنصب أدوارنا الحقيقية التي هي جزء من التحدي لنواجه واجباتنا وحقوق هذا الوطن علينا . إنه الوقت الذي بات علينا أن نمارس فيه حبنا الحقيقي تجاهه .إنها اللحظة التي لابد أن نسأل فيها أنفسنا ماذا نريد من هذا الوطن بعد ، وماذا علينا أن نقدم ؟ وكم سألت نفسي كثيرا: كيف يمكن أن نشعر بانتمائنا لهذا الوطن ونحن نرى البعض لاينتمي إليه إلا اسما ؟ هل هو ذلك الانتماء الانساني أم انه الانتماء الوطني ، أم هو الانتماء الاسلامي؟ هل هو مقرر دراسي علينا أن نفرضه على صغارنا قسرا ليحبوا هذا الوطن دون أن يعرفوا مامعنى كلمة الوطن أولا؟ هل هي مجموعة من الامتيازات التي منحنا إياها الله على أرض هذا الوطن تدفعنا لحبه؟ هل علينا أن نغترب لنشعر بجمال هذا الوطن في قلوبنا فنتذكره حالما تفاجئنا نوبة حنين؟ ماهي حقيقة الانتماء ؟؟ وماهو حب الوطن؟ حب الوطن دين وعلم وفلسفة، فمحبة الوطن في الدين هو الجهاد التام في سبيل الاستشهاد من دونه للمحافظة عليه جهاداً في الأرواح والأموال والأولاد، ومحبة الوطن في العلم هي اختراع جميع الوسائل الكافية لتكون قوي الجانب مرهوب الكلمة أما محبة الوطن في الفلسفة فهي التوفيق بين علمك ودينك بحيث تفهم كلاً منهما فهماً صحيحاً فلا يسيطر أحدهما على الآخر سيطرة تنسي حبك للأول وواجبك للثاني بل ينبغي أن تذكر ربك إذا ظفرت بعدوك فلا تقتل أطفالاً وشيوخاً ونساءً ليس لهم من الأمر شيء، وعاملهم معاملة حسنة حتى تشعر عدوك أنك صاحب مبدأ وخلق وهدف .هنا تتوقف احتياجاتنا منه لتتحدث أدوارنا في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها بلادنا بمجموعة من الاسئلة علينا طرحها بجرأة على عقولنا والبحث لها عن إجابة مخلصة وصادقة هدفها أن يبقى هذا الوطن عزيزا وعاليا: هل علينا أن نتغير أم نساهم في تصحيح التغيير أم نوجه ذلك التغيير؟ هل علينا أن نحاكم ونقتص أم نقف لنتحاور ونصل لأهدافنا مع ذوي الحكمة وأيديهم إلينا ممدودة؟ هل نسمح للعيون المتطفلة باسم التطور أن تفرض علينا إرادتها ، أم نتجاهلها ، أم نستفيد من رؤاها لغد أفضل دون خوف أو وجل؟ هل نقدم دماء الابرياء قصيدة هجاء وهل بهذا يحترم الآخرون عقيدتنا ؟ هل نسمح للشباب بالتحاور الحر الجرئ تحت عيوننا وفي قلوبنا أم نقذف به لنهايته ؟. هل نكف عن اتهام الشرفاء بأنهم جناة على الحرية ، أم نرعى انتماءهم الرائع للوطن ونعجب بهذا الحب الأصيل ؟ هل المطلوب أن تهبنا الأرض لنحبها، أم أن ذلك انصهار طبيعي لهويتنا العربية؟ هل نصمت أم نفهم دورنا ونحن نرى الاصلاح يمد جذوره على عجل حينا وعلى حذر أخرى ؟ هل علينا أن نحب ماوهبنا إياه الله من نعمة عظيمة امتصها باطن الأرض ومازالت تفرز ذهبا ، وأن لانبحث عنها دوما كهوية لنا ؟ هل نكتفي بإحصاء نقاط الضعف ، أم لنا مكان في التغلب عليها ؟ هل نستثمر أوقاتنا في دعم آمالنا بسواعد امتهنت العلم والمعرفة أم نضيعها حسرة وندما؟ إن الانتماء الحقيقي للوطن هو الشعور بأزماته ومحنه ومحاولة العمل لمصلحته وليست مجرد اسم في جواز سفر. وحينما يكون لك دور فاعل يكون انتماؤك أعمق. كلنا مسؤولون عن هذا الغد لايعفينا عدم الخبرة ولا قلة التدريب ولا أنشودة الخصوصية و ليس من الذكاء ولا العدل أن نشغل أنفسنا بإيجاد الزلات وانتقاص الماضي ، فالوقت يمضي. علينا أن نفهم أن هناك من ينصت إن قررنا التفاهم ، إن قررنا أن تضمنا طاولة حوار،إن قررنا أن نحتوي لحظة التحول بصبر وتفهم، فليس بالدماء ننقي أرواحنا ، وليس بالارهاب ننتصر على عيوبنا وعندما يتحقق الأمان في أنفسنا أولاسوف تجري الرياح بما تشتهي السفن .