سعت دول المجلس ضمن استراتيجيتها الاقتصادية خلال العقود الماضية الى تنمية دور القطاع الخاص في كافة المجالات الاقتصادية ليصبح القطاع المعول عليه في قيادة التنمية الاقتصادية، خاصة في ظل التطورات الاقتصادية الاقليمية والعالمية وظهور العولمة الاقتصادية التي زادت من حدة المنافسة العالمية في الانتاج والاستثمار والتمويل. وقد قدمت دول المجلس لهذا القطاع العديد من أنواع الدعم والتسهيلات المالية والمؤسسية بهدف تفعيل دوره الاقتصادي لينهض الى مستوى الآمال المعقودة عليه. وقد كان من بين النشاطات الاقتصادية التي أخذ القطاع الخاص يمارس فيها دورا متزايدا -وان كان بخطى أقل من مستوى القطاعات الأخرى - التعليم والتدريب. وقد ساهم في دفع الدور الذي يمارسه القطاع الخاص في مجال التعليم والتدريب مجموعة من العوامل أهمها ارتفاع المستوى المعيشي لأبناء المنطقة خلال العقدين الماضيين، وسعي الكثير للحصول على تعليم وتدريب متميز لأبنائهم، اضافة الى تحسين فرص ايجاد الوظيفة المناسبة في سوق العمل الذي أخذ يتضاءل فيه مثل هذه الفرص في ضوء ارتفاع معدلات البطالة التي أخذت تطل برأسها بقوة في دول المنطقة. زيادة الطلب على التعليم وقالت دراسة حديثة اعدها اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي حديثا: إن الزيادة المطردة في الطلب على التعليم والتدريب ( خاصة التعليم العالي) والتي فاقت الطاقة الاستيعابية للمؤسسات الحكومية نتيجة للنمو السكاني المتسارع ساهمت في دفع الحكومات الخليجية الى تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في التعليم والتدريب. وبينت الدراسة انه نتيجة لذلك ارتفعت أعداد المؤسسات التعليمية والتدريبية الأهلية في دول المجلس بصورة أكبر من المؤسسات الحكومية المماثلة. ففي حين بلغ معدل النمو السنوي للطلاب في المدارس الحكومية(العامة) خلال الفترة 1990م الى 2001م حوالي 3.6% بلغ نفس المعدل للمدارس الأهلية حوالي 7.6%. كما نما عدد المدرسين في القطاع العام بحوالي 4.8% سنويا وفي القطاع الأهلي بحوالي 7.6% خلال نفس الفترة. وبلغ معدل نمو المدارس الأهلية حوالي 6.5% والمدارس العامة حوالي 4.4% خلال العامين المشار اليهما مؤشرات نمو التعليم الأهلي كانت تقريبا ضعف مؤشرات التعليم العام وأنها أعلى بكثير من معدلات النمو في السكان في دول المجلس التي تراوحت حول 3.5% سنويا خلال السنوات العشر الماضية. وكذلك الأمر ارتفع عدد الطلاب الملتحقين بمراكز التعليم والتدريب المهني والفني في دول المجلس من حوالي 41 الف طالب عام 1990م الى حوالي 91 الف طالب عام 2001م بمعدل نمو سنوي بلغ 8%. صعوبات التوسع واوضحت الدراسة انه الرغم من هذا التوسع تعاني مؤسسات التعليم والتدريب الأهلي عددا من صعوبات ومشاكل عديدة في مجال السياسات والاجراءات الحكومية والتمويل والمناهج وغيرها من المجالات الأخرى وهو الأمر الذي يحد من الارتقاء بمستوى جودة التعليم والتدريب الأهلي ويعيق تحسين كفاءته وفعاليته إلى المستوى المطلوب، خاصة ان الحاجة ملحة في هذا الوقت بالذات الى الارتقاء بمستوى التنمية البشرية المواطنة في دول المجلس لتعزيز وتنمية دورها في صنع التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة. واضافت الدراسة ان تعزيز وتنمية التعليم والتدريب الأهلي والارتقاء بمستوى جودة مخرجاته ليصبح ملائما للاحتياجات الفعلية للتنمية الاقتصادية في دول المجلس يتطلب بالضرورة تبني استراتيجية شاملة واضحة المعالم لدعم دور القطاع الخاص في مجال التعليم والتدريب وتطوير مستوى أدائها انطلقت الدراسة لتحقيق هدفين أساسيين الأول: معالجة الصعوبات والمشاكل الأساسية التي تواجه مؤسسات ومراكز التعليم والتدريب الأهلي لازالة العوائق التي تحد من مساهمتها بفاعلية في تنمية وتطوير الموارد البشرية في دول المجلس. أما الهدف الثاني فهو الارتقاء بالجودة الشاملة لمؤسسات ومراكز التعليم والتدريب الأهلي سواء في مجال الادارة أو المخرجات. وكشفت الدراسة ان مؤسسات ومراكز التعليم والتدريب الأهلي في دول المجلس تعاني ضعف الحوافز والامتيازات المالية وغير المالية المقدمة لها من الجهات الحكومية حيث لا توجد لدى دول مجلس التعاون سياسات اقتصادية وحوافز محددة خاصة بالمشروعات التعليمية والتدريبية على غرار تلك السياسات والحوافز المخصصة للمشاريع الصناعية مثلا. من ناحية أخرى فإن الإجراءات الروتينية المصاحبة للاستثمار في مؤسسات التعليم والتدريب حيث الترخيص مكلفة من حيث الوقت والمال مما يضعف كثيرا من حماسة أصحاب الاعمال والمستثمرين نحو الاقبال على الاستثمار في مثل هذه المشاريع. كما تعاني مؤسسات التعليم والتدريب من تعدد الأجهزة الإشرافية والرقابية الحكومية على المراكز والمؤسسات التدريبية وتضارب وعدم اتساق المسؤوليات والصلاحيات الإشرافية والرقابية فيما بينها، الامر الذي يؤدي إلى ضعف التخطيط الاستراتيجي بعيد المدى للتعليم والتدريب ومتطلبات سوق العمل. وقالت الدرسة: إن استثمار القطاع الأهلي في مؤسسات التعليم العالي ( جامعات وكليات ومعاهد عليا) مازال مقيد أو غير متاح كليا في بعض دول مجلس التعاون الخليجي على الرغم من أن معطيات الواقع تشير الى أهمية فتح الباب للقطاع الخاص للاستثمار في هذا المجال في ضوء تزايد اعداد الطلبة المتخرجين من الثانوية العامة ومحدودية الطاقة الاستيعابية للمؤسسات الحكومية المماثلة. هناك غياب للجمعيات والاتحادات العامة لمؤسسات التعليم والتدريب الأهلي في بعض دول المجلس وكذلك على المستوى الخليجي مما يضعف درجة التنسيق والتطوير لرفع مستوى التعليم والتدريب فيما بينها ويقلل من أهمية دورها في رسم السياسات والتوجهات العامة فيما يتعلق بالتعليم والتدريب في هذه الدول. وألمحت الدراسة إلى إنه لا توجد مؤسسات تمويلية متخصصة تعنى بتمويل مؤسسات ومراكز التعليم والتدريب الأهلي بشروط سهلة وميسرة على غرار صناديق التمويل العقاري والصناعي والزراعي، بما يتفق مع طبيعة أهمية هذا النوع من الاستثمار مما يدفع بأصحاب هذه المؤسسات إلى الاستعجال في الحصول على المردود المالي لاستثماراتهم حتى وان كان ذلك على حساب النوعية. كما أن التفاعل بين مؤسسات التعليم والتدريب الأهلي وشركات القطاع الخاص في مجال التمويل القائم على أسس منهجية واضحة على غرار ما يعمل به في بعض الدول المتقدمة ما زال مفقودا. مواءمة الاحتياجات كما تعاني مناهج التعليم والتدريب الأهلي بمختلف مستوياتها مشكلات هيكلية تعتبر امتدادا للمشكلات التي يعانيها التعليم والتدريب العام في دول المجلس من حيث عدم مواءمتها الاحتياجات الفعلية لمتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية لدول المجلس . ففي بعض دول المجلس نجد أن المناهج التعليمية والتدريبية للمؤسسات الأهلية العاملة في هذا المجال لا تختلف كثيرا عن المناهج الحكومية والعامة إلا بدرجة هامشية بسيطة حيث تجبر المدارس الأهلية على تدريس نفس المنهاج العام إضافة للغة الإنجليزية والحاسب الآلي فقط، ولا تملك هذه المدارس حرية تقرير مناهج إضافية. وقالت الدراسة: إن المناهج التي تدرس من قبل بعض المدارس الأجنبية في عدد من دول الخليج تتسم ببعدها عن الواقع الاجتماعي والثقافي لأبناء المنطقة مما يحدث بعض الإرباك في عقلية المتعلمين ويجعلهم حائرين بين ما يتعلمونه في المدرسة وبين ما يعايشونه من واقع اجتماعي وثقافي في مجتمعاتهم المحلية. واضافت الدراسة ايضا: إن الكثير من البرامج التدريبية والمناهج التعليمية لدى مؤسسات التدريب الأهلي تعاني النقص في المجالات الفنية والمهنية والتقنية التي يحتاجها سوق العمل ومحدودية الفرص للمتدربين للقيام بالتطبيقات الميدانية والعملية في الشركات والمؤسسات الخاصة. ولا يتماشى هذا الوضع مع تطوير و إعداد الكوادر الفنية المؤهلة القادرة على التفاعل مع الأساليب الحديثة في الإنتاج وتكون معبرة عن الاحتياجات الفعلية لسوق العمل الخليجي. واكدت الدراسة انه لا يمكن في واقع الأمر تحقيق المواءمة بين مخرجات التعليم والاحتياجات الفعلية للقطاع الخاص الخليجي من الأيدي العاملة دون وجود نظام متكامل لمعلومات سوق العمل يسهم في اتخاذ القرارات المناسبة بهذا الخصوص . ويتمثل هذا الدور في إجراء تقديرات لإجمالي الطلب والعرض على القوى العاملة الوطنية على المستويين الكلي والقطاعي بالاستناد إلى الواقع الراهن لظروف العرض والطلب، والتوقعات الخاصة بمعدلات النمو السكاني والاقتصادي الكلي و القطاعي . الشفافية والمعلومات وبينت الدراسة ان نظم معلومات سوق العمل المطلوب استحداثها وتفعيلها في دول المجلس يجب أن تسهم بإيجابية في زيادة فرص توظيف المواطنين خاصة في مؤسسات وشركات القطاع الخاص. فبدون تحقيق هذا المعيار والهدف ستبقى المعلومات المنشورة بدون قيمة عملية. وان تنفيذ بناء نظام معلومات سوق العمل في دول المجلس بالطريقة الموصوفة يستدعي تفعيل دور أجهزة الإحصاء المركزي في هذه الدول من جهة تحسين طبيعة المعلومات والبيانات التي يتم جمعها ونشرها . وقالت الدراسة: إن توافر المعلومات الصحيحة لا يعني تلقائيا اتخاذ القرارات المناسبة في الدول النامية ، فهناك أولا حاجة إلى توصيل المعلومات إلى صناع القرار في المؤسسات الحكومية والمؤسسات التعليمية في الوقت المناسب . ومن ناحية ثانية، هناك حاجة لإقناع صناع القرار المشار إليهم باتخاذ السياسات المناسبة وفق ما تمليه هذه المعلومات. والمحت الدراسة الى ان الجهات العامة والشركات والمؤسسات الخاصة تنظر بشيء من التشكك والريبة الى مخرجات التعليم والتدريب الأهلي نتيجة ضعف ثقتها في أهلية هذه المخرجات لاحتياج سوق العمل، حيث يعتقد أن هذه المؤسسات تسعى في كثير من الأحيان الى تعظيم أرباحها على حساب النوعية والجودة في مخرجاتها. واكدت الدراسة ان هناك ضعفا خطيرا في مجال الرقابة والإشراف على أداء المؤسسات التعليمية والتدريبية الأهلية في دول المجلس من قبل الجهات الحكومية حيث يقتصر دور هذه الجهات في الغالب على اصدار التراخيص اللازمة لانشائها دون تفعيل الرقابة والاشراف اللاحق عليها. وتحدثت الدراسة العلاقة بين مؤسسات ومراكز التعليم والتدريب الأهلي ما يشوبها من قصور كبير في العديد من الجوانب والمجالات، حيث لا توجد أطر مؤسسية ومنهجية واضحة لتنظيم العلاقة بين الجانبين بما يحقق المصالح المشتركة والمتبادلة بينهما، وهو الأمر الذي أدى الى الإضرار كثيرا بالعملية التعليمية والتدريبية والمصلحة الاقتصادية ليس على المستوى الجزئي الخاص بكلا الطرفين، بل وعلى المستوى الكلي أيضا. توصيات وحلول وقدمت الدراسة عددا من التوصيات لمواجهة تلك المعوقات من اهمها تقديم الدعم والإعفاءات والامتيازات الاقتصادية لمؤسسات التعليم والتدريب من أموال و أراضي وخدمات مساندة بأسعار تشجيعية وغيرها من أنواع الدعم الأخرى على غرار تلك المقدمة للمشروعات الصناعية والزراعية بشروط ميسرة تتفق والأهمية الاقتصادية الكبيرة لمثل هذا النوع من المشاريع التي تستثمر في العنصر البشري المكون الأساسي للتنمية الاقتصادية, وضرورة مبادرة الجهات الحكومية المعنية بالمبادرة الى الاستثمار في المباني المدرسية وتأجيرها للقطاع الخاص على أساس نظام التأجير التمويلي أو التشغيلي للمساهمة في تخفيف الأعباء الاستثمارية التي تواجه القطاع الخاص في هذا المجال بما يساهم في تطوير العملية التعليمية. وربط تقديم الدعم والتسهيلات المقدمة لمؤسسات ومراكز التعليم والتدريب الأهلي بمستوى أدائها ونوعية مخرجاتها لحث هذه المؤسسات على العناية بالجودة كاستراتيجية وخيار رئيسي لتطوير أعمالها. وتسهيل منح التراخيص اللازمة لمؤسسات التعليم والتدريب بعد التأكد من توافر الشروط اللازمة لذلك وتقديم الحوافز الكفيلة بدعم توجه القطاع الخاص على الاندماج بين المؤسسات التعليمية والتدريبية القائمة أو انشاء هذه الشركات شكل شركات مساهمة تطرح اسهمها في الأسواق المالية مما يعزز درجة الكفاءة والفاعلية لها في خدمة العملية التربوية والتدريبية بعيدا عن التأثيرات الشخصية المباشرة التي قد تؤثر سلبا على أسس عمل مثل هذه المؤسسات التربوية الهامة. واوصت الدراسة بضرورة العمل على تنسيق السياسات والإجراءات الحكومية المتعلقة بمؤسسات التعليم والتدريب الأهلي سواء في مرحلة الترخيص او مرحلة الرقابة والاشراف, والسماح للقطاع الخاص الخليجي بالاستثمار في مؤسسات التعليم والتدريب العالي في الدول التي تقيد مثل هذا النوع من الاستثمار حاليا. وتقديم التسهيلات القانونية والاجرائية اللازمة للتوسع في هذا النوع من الاستثمار في الدول التي تسمح حاليا للقطاع الأهلي بالعمل في مجال التعليم العالي. وقالت الدراسة: إن هناك حاجة ماسة لانشاء هيئات نوعية متخصصة (جمعيات - اتحادات - لجان وغيرها) تعنى برعاية مؤسسات التعليم والتدريب الأهلي على مستوى كل دولة من دول المجلس وعلى المستوى الاقليمي. ودعت الدراسة الى الاشراف والرقابة على جودة ادارة ومخرجات مؤسسات التعليم والتدريب الأهلي , واقامة شبكة متكاملة من المعلومات التي تحتاجها مؤسسات التعليم والتدريب , والاهتمام بالجوانب الاعلامية المطلوبة لدعم وتنمية مؤسسات التعليم والتدريب الاهلي. وبينت الدراسة انه يجب اتباع سياسات مالية ونقدية تحفز إقبال البنوك التجارية على تمويل مؤسسات التعليم والتدريب من خلال المساهمة في ضمان القروض المقدمة لمثل هذه المؤسسات , والعمل على إنشاء صناديق خاصة بتمويل مؤسسات التعليم والتدريب. ويمكن أن يساهم في رأسمال هذا الصندوق كل من الحكومات المركزية والمصارف المتخصصة على أن تترك إدارته للقطاع الخاص تحت إشراف ورقابة الحكومة , والبحث عن مصادر مكملة لتمويل المؤسسات التعليمية والتدريبية من خلال التبرعات أو الهبات أو تقديم المنح الدراسية من رجال الأعمال أو الشركات الخاصة وذلك وفق خطة منهجية ومؤسسية تخدم المصالح المشتركة للجانبين. اقتراحات واقترحت الدراسة العمل على ربط برامج ومناهج مؤسسات التعليم والتدريب بصفة عامة لا سيما الأهلية منها بالاحتياجات الفعلية لسوق العمل في دول المجلس وذلك من خلال تغيير المناهج التعليمية ابتداء من المرحلة الابتدائية حتى المراحل الجامعية من خلال التوسع في استحداث أدوات التقنية الحديثة. فالتحدي الكبير الذي يواجه المجتمع الخليجي يكمن في جعل المقررات الدراسية تساعد على تنمية الطاقات الفكرية والقدرات العملية و روح الابداع لدى الطالب. كما يجب أن تعمل مؤسسات التدريب الأهلي على التركيز على البرامج التدريبية الفنية والمهنية المتخصصة التي يتطلبها سوق العمل وتقليل الاعتماد قدر الامكان على تقديم البرامج التدريبية التقليدية التي تضاءلت الحاجة اليها. وزيادة مشاركة القطاع الخاص في مجال التخطيط للتعليم والتدريب على المستوى الكلي وعلى مستوى الأهلي سواء في مجال تحديد الأهداف أوالمناهج والبرامج اللازمة لتطوير التعليم والتدريب وذلك من خلال السماح لمؤسسات القطاع الخاص بالمشاركة بفاعلية في اللجان التي تشكلها الجهات الحكومية لصياغة ورسم السياسات التعليمية والتدريبية على مستوى كل دولة وعلى المستوى الخليجي وتطوير المناهج والبرامج التعليمية والتدريبية وفقا للاحتياجات الفعلية لسوق العمل. كما طالبت الدراسة بضرورة اعطاء المؤسسات التعليمية الحرية الكافية لتقرير المناهج التعليمية التي تدرسها لضمان تميزها في هذا المجال عن المؤسسات الحكومية، مع ضمان اتساق هذه المناهج في نفس الوقت مع الاهداف التربوية والاجتماعية الوطنية. وقالت الدراسة: إن هناك حاجة ماسة الى وضع معايير نوعية وكمية محددة لقياس وتقييم مخرجات التعليم والتدريب الأهلي بموضوعية وحيادية من قبل الجهات الحكومية المختصة, الاشراف والرقابة اللاحقة والمستمرة من قبل الجهات الحكومية المختصة على أداء مؤسسات ومعاهد التعليم والتدريب الأهلي لضمان جودة مخرجاتها وفقا للمعايير النوعية والكمية المشار اليها أعلاه , ايجاد مناخ تنافسي صحي بين مؤسسات ومعاهد التعليم والتدريب الأهلي للارتقاء بأدائها بعيدا عن الاحتكار أو المنافسة غير الشريفة , الاهتمام باسلوب الجودة الشاملة في ادارة المؤسسات التعليمية والتدريبة الاهلية لضمان تميز مخرجاتها وانسجامها مع الاحتياجات الفعلية لسوق العمل , وضرورة سعي المؤسسات والمراكز التعليمية والتدريبية للحصول على شهادة اعتماد الجودة (الايزو) من قبل الجهات المختصة بهذا الشأن. ومن بين التوصيات التي اقترحتها الدراسة الاعتناء بالتأهيل والتدريب المستمرين للمعلمين والمدربين من خلال التدريب السابق لالتحاقهم بمهنة التعليم والتدريب، والتدريب اللاحق أثناء قيامهم بعملية التدريس لتطوير قدراتهم ومهاراتهم وفقا لأحدث التطورات العالمية في مجال المناهج وطرق التدريس الجديدة. كما يجب العمل على إجراء تقييم دوري للمعلمين للتأكد من استمرار مقدرتهم على التدريس وقياس مدى تطورهم في هذا المجال. ويتطلب تحقيق هذا الأمر تحسين المستوى المعيشي للمعلم وربط ذلك بمدى تطوره في المهنة التي يضطلع بها , والاعتماد على الكوادر الوطنية ما أمكن في مجال التعليم والتدريب , وتقييم الطلاب المتعلمين والمتدربين وفق اسس منهجية وموضوعية بعيدا عن المحاباة والمداراة , وتطوير الأطر الإدارية لمؤسسات ومراكز التعليم والتدريب بحيث تصبح أكثر انفتاحا ومرونة ومقدرة على استخدام وتطبيق اساليب وتقنيات التعليم الحديثة , وعمل الموازنة بين متطلبات الربحية والاهداف التربوية بحيث لا يطغى احدهما على الآخر. ودعت الدراسة ايضا الى توثيق روابط الاتصال مع المؤسسات التعليمية والتدريبية الخليجية وفق أطر مؤسسية ومنهجية واضحة ومستمرة لتنسيق الجهود في مجال تعليم وتدريب المواطنين بما يتفق والاحتياجات الفعلية للقطاع الخاص الخليجي , وتشكيل لجان دائمة في كل دولة من دول المجلس تتكون من ممثلين عن الغرف الخليجية ومؤسسات التعليم والتدريب الخاصة والعامة والجهات الحكومية ذات العلاقة تتم من خلالها مناقشة القضايا التي تنهض بمستوى التعاون فيما بين هذه الأطراف في مجال إعداد الكوادر المواطنة القادرة على العمل في مختلف مؤسسات وشركات القطاع الخاص , وتفعيل التدريب والتعليم التعاوني بين مؤسسات التعليم والتدريب وشركات القطاع الخاص , بالاضافة الى إنشاء صندوق متخصص لدعم الاستثمار في المؤسسات التعليمية وتمويل تدريب وتأهيل الفئات المحتاجة من المجتمع على ان تتكون موارد هذا الصندوق من المساهمات والتبرعات المقدمة من الشركات والأفراد في القطاع الخاص بالإضافة إلى المساهمات الأساسية الحكومية. فدعم القطاع الخاص يعتبر مكملا وليس بديلا للدعم الحكومي , وتبني سياسات واضحة للربط بين ما يجري من بحوث تطبيقية وعلمية و إدارية في الجامعات والمعاهد العلمية والاحتياجات الفعلية لمؤسسات القطاع الخاص الإنتاجية، فالاستعانة ببعض أعضاء هيئات التدريس من القطاع الخاص مازالت محدودة جدا وعلى مستوى حالات فردية وليس ضمن أطر منهجية متكاملة ومستمرة. وقالت الدراسة: انه يجب الاستعانة بالخبرات الوطنية الخليجية فيما تقوم به الشركات من برامج تدريب وأبحاث. وهنا يجب السماح بالتفرغ العلمي لمنسوبي الجامعة للعمل في المؤسسات الخاصة، قيام أعضاء وهيئة التدريس بإعداد الدراسات والبحوث المتعلقة بإيجاد حلول عملية للمشاكل والصعوبات التقنية والإدارية والتسويقية التي تواجهها الشركات الخاصة مقابل توفير التمويل اللازم لمثل هذه الدراسات والبحوث، وتوجيه بحوث الدراسات العليا لخدمة مؤسسات القطاع الخاص , زيادة اقبال شركات القطاع الخاص على توظيف المواطنين من خريجي مؤسسات التعليم والتدريب. وهنا يمكن تخصيص برامج توعية للطلاب والمتدربين يتم من خلالها تعريفهم بواقع الشركات الخاصة وأسلوب عملها والمشاكل التي تواجهها مما يعزز من قدراتهم على العمل لدى هذه الشركات عند التخرج , الى جانب زيادة الجهود التي تبذلها مؤسسات وشركات القطاع الخاص في إعداد توصيف للوظائف لديها، وذلك للاسترشاد بها في وضع الخطط التدريبية والتعليمية لمؤسسات التعليم والتدريب الأهلي والعام. طلاب ومراكز التعليم والتدريب المهني والفني ضرورة ربط التدريب باحتياجات العمل