لفضيلة الشيخ عبد الله بن محمد حميد إن أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين الصلوات الخمس، كما في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر وغيره ( بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاةوإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت) من المزايا ما ليس لغيرها من سائر العبادات : منها أن الله سبحانه وتعالى تولى فرضيتها على رسوله - صلى الله عليه وسلم - بمخاطبته له ليلة المعراج . ومنها أن الصلاة أكثر الفرائض ذكراً في القرآن، فتارة يخصها بالذكر، وتارة يقرنها بالزكاة، وتارة يقرنها بالصبر، وتارة بالنسك كقوله تعالى: (والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين) (الأعراف 170) وقوله تعالى: (واقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) (البقرة 110) وقوله عز وجل: (واستعينوا بالصبر والصلاة) (البقرة 45) وقوله عز وجل: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين) (الأنعام 163/162) وقوله: (فصل لربك وانحر) (الكوثر 2) وتارة يفتتح بها أعمال البر ويختمها بها كما ذكره في سورة المعارج ، وفي أول سورة المؤمنين، قال تعالى: ( قد أفلح المؤمنون الذي هم في صلاتهم خاشعون) إلى قوله (والذين هم على صلواتهم يحافظون أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون) المؤمنون 1 11 ومنها أن الصلاة أول ما أوجب الله على عباده، من العبادات، فإن وجوبها قبل وجوب الزكاة والصيام والحج . ومنها أنها أول ما يحاسب عليه العبد من أعماله يوم القيامة، آخر ما يفقده من دينه . ومنها أن وجوبها عام على الذكر والأنثى ، والحر والعبد، والغني والفقير، والمقيم والمسافر، والصحيح والمريض، فلا تسقط الصلاة عن المريض ما دام عقله ثابتاً . ومنها أنها قوام الدين وعماده فلا يستقيم الدين إلا بها، كما في الحديث (رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد) فمتى سقط العمود ذهب الدين إذ حظ العبد من الدين على قدر حظه من الصلاة. ومنها أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - اهتم بها اهتماما عظيما، فهي آخر ما وصى به أمته عند مفارقته الدنيا، جعل يقول: ( الصلاة وما ملكت أيمانكم) وكتب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إلى عماله في سائر الأمصار: ( إن أهم أمركم عندي الصلاة فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه ومن ضيعها كان لما سواها أضيع) . ومنها أن الله أوجبها علينا في اليوم والليلة خمس مرات بخلاف غيرها من بقية الأركان، فإن منها مالا يجب في العمرة إلا مرة كالحج، أو في كل سنة مرة كالزكاة والصيام . وبالجملة فأمر الصلاة عظيم، وشأنها كبير، فقبول سائر الأعمال موقوف على فعلها، فلا يقبل الله من تاركها صوماً ولا حجاً ولا صدقة ولا جهادا ولا شيئا من الأعمال، ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبل من أجابه إلى الإسلام إلا بالتزام الصلاة . فيجب على المسلمين جميعاً من الاعتناء بها مالا يجب من الاعتناء بغيرها، فعلى أهل القدرة منهم أن يأمروا بالصلاة كل أحد من الرجال والنساء والصبيان المميزين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مروا أبناءكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع) . ويحرم تأخيرها عن وقتها باتفاق العلماء والرجل البالغ إذا امتنع عن صلاة واحدة من الصلوات الخمس، أو ترك بعض فرائضها المتفق عليها فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل، فمن العلماء من يقول: يكون مرتداً كافراً لا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين، ومنهم من يقول: يكون كقاطع الطريق وقاتل النفس والزاني المحصن، والله سبحانه وتعالى أعلم وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه وسلم .