يشعرك مسئولو كرة القدم الانجليزية ولو بطريقة غير مباشرة تبدو لي مهذبة وذكية بانهم صناع قوانين ولوائح كرة القدم التي باتت لعبة العالم الاولى وهذا من حقهم بل ويستحقون ان يجعلوا ذلك مصدر فخرهم رغم الصدامات العديدة التي تعرض لها الانجليز على مر تاريخ الاتحاد الدولي لكرة القدم الذي تولى دفة قيادة اللعبة في العالم اجمع منذ تأسيسه في عام 1904 . حين تولى رئاسة الاتحاد الفرنسي جول ريميه وفي وقت كانت العلاقة البريطانية الفرنسية في حالة غير سوية بلغت حد فقدان الثقة بين البلدين وفي عام 1955 شعر الانجليز ان الامور بدأت في التحسن ليستعيدوا مكانتهم التي ايقنوا انهم يستحقونها حين تولى رئاسة الفيفا الانجليزي ارثر دروري وبالصدفة المحضة عزز ارثر تواجده على قمة هرم الكرة العالمية بتأهل المنتخبات الانجليزية الاربعة. انجلترا واسكتلندا وويلز وايرلندا الى نهائيات كأس العالم بالسويد عام 1958 لكن عينا اصابت الانجليز في تلك النهائيات حين خطف الكأس منتخب البرازيل بقيادة الشاب المعجزة بيليه واستمر التواجد الانجليزي في قمة الهرم الرئاسي بالفيفا عقب وفاة ارثر دروري عام 1961 وهو في مكتبه ليتولى منصب الرئيس مواطنه سير ستانلي راوس . والذي جلب الحظ للكرة الانجليزية حين فازت لاول مرة بكأس العالم عام 1966 رغم ما اشيع عن مجاملات قدمها حكم اوروبي للمنتخب الانجليزي ليتخطى الارجنتين ثم عن الهدف المثير للجدل في شباك الالمان في المباراة النهائية التي توج الانجليز فيها ابطالا لكأس العالم. وكظم الالمان يومها غيظهم ليقودوا حملة شعواء دفع ثمنها سير ستانلي راوس حين خسر معركة رئاسة الفيفا عام 1974 لرجل الاعمال البرازيلي خواو هافيلانغ الذي قاد الاتحاد الدولي بقبضة حديدية لمدة 24 عاما ظن الاوروبيون بنهايتها ان سدة الرئاسة ستؤول لرئيس اتحادهم السويدي يوهانسون لكن شيئا من ذلك لم يحدث ونجح هافيلانغ في تسليم مفاتيح الفيفا لتلميذه النجيب السويسري سيب بلاتر فكانت ضربة موجعة للاتحاد الاوروبي . ودار يومها جدل عنيف واقامت الصحافة الاوروبية بقيادة الانجليز الدنيا ولم تقعدها متهمة هافيلانغ وبلاتر بالتلاعب في الاصوات وبنفس الجدة التي كانت هاجمت فيها هافيلانغ يوم حسم رئاسة الفيفا لنفسه عام 1974 وفي معركة تجديد الولاية لبلاتر عام 2002 تسلحت اوروبا بكل اسلحتها ودعمت يوهانسون بل دفعت بالافريقي عيسى حياتو لدخول معركة الانتخابات لاضعاف موقف بلاتر لكن الاخير اثبت انه تلميذ نجيب لهافيلانغ واستطاع. حسم معقد الرئاسة لصالحه بل ورد رماح المشككين في ذمة الفيفا المالية الى صدورهم وتجاوز الازمة حين اعلن عن الوفر الذي تحقق لميزانية الفيفا والاستثمارات والعقارات التي تديرها ليلقم المشككين حجرا بعد ان وصل عدد الاتحادات الاعضاء في امبراطورية الفيفا الى 204 اتحادات اهلية عضوا تفوق بها على عدد الدول الاعضاء في الاممالمتحدة رغم ان البداية كانت بعضوية سبعة اتحادات اهلية فقط. ومازال الانجليز يراقبون الموقف عن كثب رغم تلقيهم الضربات المتتالية التي كان آخرها خسارتهم ملف تنظيم كأس العالم 2006 امام المانيا التي اعتبرها المراقبون انها ثأرت لخسارة كأس العالم 66 مرتين الاولى باسقاط راوس والثانية بخطف حق تنظيم كأس العالم 2006 ويبدو ان الانجليز اكتفوا بالاحتفاظ بعضوية اتحاداتهم الاربعة كاملة النصاب في الفيفا وبسيطرتهم على المجلس العالمي صاحب الحق الاول والاخير بوضع قوانين اللعبة واجراء اية تعديلات عليه تدريجا من سن قانون التسلل واختراع منطقة الجزاء وركلة الجزاء الى عدد مرات والتبديل المسموح بها الى ضبط حركة حارس المرمى عند اخذ ركلات الجزاء ومعاقبة اللاعب المخالف بالانقضاض الخطر بالبطاقة الحمراء فهل يكفي ذلك لاشباع غرور من صنعوا وصاغوا وضبطوا قانون لعبة العالم الاولى؟! ام ان الشمس قد غابت عن امبراطورية كرة القدم الانجليزية؟! *مستشار الاتحاد العربي للصحافة الرياضية