@@ حسنا.. إنهم يتحدثون الآن عن الرشوة.. والمرتشين.. والراشين.. واحسب ان كلماتهم هذه لن تبقى طويلا.. وسنعود من جديد الى المحظور.. والممنوع.. وستبقى تلك الحالات القديمة.. والمعقدة والشائكة.. قائمة بدون حلول.. @@ ولست متفائلا.. بأن محاربة الفساد ..ستمنحنا تلك النتائج المذهلة في تحويل اللصوص الى ملائكة.. ولكن يمكن ان تولد حالات مباغتة بأن يصبح المرتشون.. والراشون اكثر حذرا.. فبدلا من السرقة في وضح النهار ستكون ربما في غسق الليل.. أى بمعنى بعيدة عن الأعين.. وقد ترتدي وجها ونسقا آخر وقد تسمي كالمعتاد (نسبة) وليس رشوة. @@ ومن حق الزميلين الكريمين الدكتور هاشم عبده هاشم والاستاذ محمد الوعيل ان يمارسا الثناء.. وينصبا سرادق للموشحات على صفحات الجرائد التي يرأسان تحريرها كيفما يريدان.. وكأن الكشف عن راش واحد. قد قضى على الفساد برمته. @@ ويبدو أن وزير الصحة.. بكشفه لحالة من مليون حالة تنتشر عبر اجهزة الدولة.. قد جاء بما لم يأت به غيره. @@ الحق ان المباحث الادارية تقوم بعملها في القبض على المرتشين منذ زمن طويل.. وهي تمارس نشاطها باجتهاد ومثابرة.. ولكن كما يبدو ليس بمقدورهم.. ان يعلنوا عن ذلك.. لا سيما تلك الرشاوى التي تصل الى الملايين.. وقد اكتفوا بنشر صور صغار المرتشين ولعل تساؤل الدكتور هاشم عبده هاشم في مقدمة مقاله يوم الاحد 27 رجب 1425ه في عكاظ(هل هؤلاء الراشون والمرتشون هم كل من في المجتمع؟) ويضيف: أن الأسئلة تتجه الى الرشاوي الكبيرة او بعض مظاهر الفساد الإداري.. اين هي.. ومن هم ابطالها.. ولماذا لم يكشف عنهم.. ومن الذي يتستر عليهم؟ @@ ويمضى الدكتور هاشم في مقاله.. الذي لم يكتب مثله منذ اكثر من ثلاثين عاما.. وبجرأة بالغة وكأنه قد زهد تماما في منصبه الذي بقي فيه حريصا عليه اكثر من ربع قرن.. "هل يمكن اعتبار الإعلان عن حالة.. بداية حقيقية للحرب ضد الفساد؟". @@ ان محاربة اللصوص.. لا تعني اطلاقا اختفاء اللصوص ومحاربة الفساد لا تعني نهاية الفساد والقبض على راش او مرتش واحد أو اثنين لايعني انتهاء الرشوة الى الأبد. .. انهم منتشرون.. بالطول والعرض.. وسيبقون ايضا.. لأن هذا الوباء التاريخي لا علاج له حتى في اكثر مجتمعات الدنيا تحضرا ورقيا وديمقراطية.. اللصوص باقون يا سيدي مادامت الحياة باقية.. ولا أزيد.