بعد ثلاثة أيام من كارثة مقتل أكثر من 300 من الاطفال والبالغين في أسوأ هجوم من نوعه في روسيا مازال أقارب الضحايا المكلومين والمراقبون في العالم يتطلعون إلى معرفة ما حدث بالتحديد في تلك المأساة. وقال رئيس أوسيتيا الشمالية الكسندر دزازوخوف الذي كان يتوق فيما يبدو لطمأنة شعب اعتاد تداول معلومات مغلوطة من السلطات: يجب أن نخبر الناس بالحقيقة كاملة ونوضح لهم حقيقة ما حدث. لكن الشعب الروسي غير مقتنع فيما يبدو. فالشعور بالاسى إزاء فقدان ذويهم يمتزج بالغضب الشديد حيال المحاولات الواضحة لتقليل حجم الكارثة التي وقعت في أول سبتمبر الحالي.أحد سكان بيسلان قال: منذ الدقائق الاولى لهذه المأساة خدعنا نحن والبلاد بأكملها. فبعد يوم من حصار المدرسة في أول يوم للدراسة تساءل السكان المصابون بالحيرة عن السبب الذي حدا بالسلطات إلى التقليل على نحو متواصل من عدد الرهائن الموجودين داخل المبنى. فقد أصر مسئولون حتى انتهاء الحصار على أن هناك 354 رهينة داخل المدرسة و هو أقل من ثلث العدد الاجمالي الحقيقي للرهائن داخلها. وقال أحد المحليين لصحيفة (موسكو نيوز): نشأنا جميعا هنا والناس الذين يعيشون في هذه المنطقة يذهبون جميعا إلى هذه المدرسة وكان داخلها أكثر من ألف". وتكهن الاعلام الروسي بأن السلطات تعمدت تقليل العدد الحقيقي للمحتجزين تجنبا لاشاعة الذعر على نطاق واسع. وجاءت صيحات الغضب الحقيقية حينما تحدث مسئول كبير في جهاز أمني عن عملية ناجحة لتحرير الرهائن. وقال أحد أعضاء فرقة الكوماندوس التي اقتحمت المدرسة لصحيفة (نوفي إزفستي) إن فوضى شاملة كانت تسود حينما اندفع أعضاء من مختلف الوحدات العسكرية والشرطة بغير نظام تجاه المبنى بعد سماع انفجارات داخله. وهرع معهم مسلحون من السكان المحليين لمحاولة إنقاذ أقاربهم. وقال الجندي: كانوا يطلقون الرصاص على نطاق واسع من الاسلحة الالية والبنادق والمسدسات. فمن الذي يعرف عدد الذين قتلوا من ذويهم. ورغم حتمية الهجوم على المبنى والنتيجة الدامية فلم يكن متاحا للسلطات سوى قليل من سيارات الاسعاف. ويقول أحد شهود العيان منذ نصف الساعة الاولى... كانت القيادة الرئيسية للازمة مرتبكة بحيث لم تتمكن حتى من تنظيم عملية إجلاء الجرحى. وحمل السكان بعض الرهائن الذين أطلق سراحهم في سيارات خاصة وسارعوا بهم إلى أقرب مستشفى أو إلى البيت مباشرة. ولم تتوافر أدلة تذكر على ما أعلنه جهاز المخابرات الداخلية (إف.سي.بي) عن وجود تسعة من العرب المسلحين القتلى بعد انتهاء إطلاق النيران. وقال ناجون في وقت لاحق: لم نر أي أجانب بينهم. وانتقدت الصحف التي تصدر في موسكو بصورة عنيفة طريقة إدارة موسكو للمعلومات الخاصة بالازمة. وكان العنوان الرئيسي لصحيفة (روسكي كورير) 54 ساعة من الاكاذيب. وكتبت صحيفة "موسكوفسكي كومسوموليتس" الشعبية تقول: عندما تفاجأ أجهزة استخباراتنا التي يفترض أنها فعالة ومحترفة بعمل إرهابي ويرددون علينا مجموعة أكاذيب مثل هذه فإن رؤوسنا تصاب بدوار.