من الممكن لنا ان نتصور ردة الفعل الاسرائيلية (المفتعلة) و(الغاضبة جدا) على تفاعلات فضيحة التجسس الاسرائيلي على الاسرار الامريكية ، وبالتالي رفضها تلك التهمة جملة وتفصيلا. فهو سلوك تعودناه من حكومة (تقتل القتيل وتمشي في جنازته) - كما يقال -. @@ فطالما نفت حكومة الكيان الاسرائيلي بشدة كل الاتهامات التي سبق ان وجهت اليها بشأن تهم التجسس على الحليف الاستراتيجي، وبالتالي فقد كان من الطبيعي جدا ان تتبع السلوك ذاته لاسميا بعد ما تفاعلت تلك القضية لتشمل مساءلة نائب وزير الدفاع بول وولفوفيتز ومساعد الوزير للشؤون السياسية دوغلاس فيث اللذين يعتبران من اكثر انصار اسرائيل نفوذا في ادارة الرئيس بوش. @@ على ان الغريب حقا ان نرى هذا الصمت الامريكي الذي يشبه (صمت الأموات) على فضيحة هزت اركان البنتاجون الامريكي في وقت يتزامن مع انعقاد مؤتمر الحزب الجمهوري لاعلان ترشيح الرئيس جورج بوش الابن رسميا لفترة انتخابية ثانية. فقيام موظف في مكتب وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفيلد بتسريب معلومات عن قرار استخباري وعسكري وقعه بوش يتناول ايران، الى اسرائيل من خلال (لجنة العلاقات العامة الامريكية الاسرائيلية) ليس بالامر العادي على الاطلاق، الا ان ردة فعل الادارة الامريكية لم تتعد حتى كتابة هذه السطور بضع تحقيقات اجراها مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) اجزم مسبقا بأنها ستظل حبيسة ادراجه وبالذات بعد ان شمر انصارايباك عن سواعدهم من خلال حملة مدروسة تستهدف احتواء كل تبعات هذه الفضيحة. فها هو (ايكي سكلتون) العضو الديمقراطي البارز بلجنة القوات المسلحة بالكونجرس الامريكي يصرح قائلا (انه يشعر بقلق وغضب بالغين بسبب التقارير التي تحدثت عن تجسس اسرائيلي على الادارة الامريكية.. مضيفا بحدة وبلغة من (حمر عينيه في وجه كل من يفكر في انتقاد السلوك الاسرائيلي المشين) هذا زعم خطير جدا جدا ولا يسعنا تحمل شيء من هذا القبيل البتة). @@ وفي الاتجاه ذاته يصرح جوش بلوك المتحدث بلسان اللجنة الامريكية الاسرائيلية للشؤون العامة(ايباك) التي هي ابرز مجموعات الضغط اليهودية لمصلحة اسرائيل، بان (هذا الزعم لا اساس له من الصحة). مؤكدا و بكل صفاقة ان اللجنة لن تقبل او تغض الطرف ولا للحظة عن اي انتهاك للقانون او المصالح الامريكية. انني اعود هنا لاكرر ان هذه الحالة ليست هي الاولى والتي يضبط فيها اسرائيلي متهم بتهمة التجسس لصالح اسرائيل. فلقد سبق ان اكتشف عدد من حالات التجسس الاسرائيلي في امريكا والتي جرى اخفاؤها وطمسها والتعامي عنها عيانا بيانا تجنبا لإثارة الرأي العام الامريكي ضد اسرائيل كما حدث في قضية السفير الامريكي السابق في اسرائيل مارتن انديك والذي استخدم معلومات سرية في جهاز حاسوبه الخاص واشتبه بأنه اطلع اسرائيل عليها. مما يجعل من قضية المحلل الاستخباري السابق في البحرية الامريكية (جوناثان بولا رد)، الذي سبق للسلطات الامريكية اعتقاله في العام 1985 بتهمة التجسس لصالح اسرائيل والذي حكم عليه لاحقا بالسجن المؤبد استثناء وليس قاعدة. @@ بل لعلنا نلمس بوضوح الايادي الامريكية التي لعبت اكثر من دور في الافراج عن اسرائيليين وجهت اليهم تهم التجسس لصالح دولة الكيان الاسرائيلي في عدد من الدول. فلقد سبق ان وجهت السلطات السويسرية للاسرائيلي (اسحق بنتال) تهمة دخول سويسرا بأوراق رسمية تحمل اسما مزيفا، وممارسة التجسس السياسي والقيام باعمال غير مشروعة في بلد اجنبي وهي تهم تصل عقوبتها - طبقا لمرافعة ممثلي الادعاء العام السويسري - إلى السجن لمدة خمسة عشر شهرا غير ان الدفاع طالب بتبرئة المتهم على اساس انه لم يكن يفعل اكثر من واجبه لدرء خطر هجمات محتملة على اسرائيل وبالتالي صدر القرار بحبسه لمدة عام مع وقف التنفيذ مما يعني ان الجاسوس لن يقضي اي وقت بالسجن في سويسرا وانه سيطلق سراحه ليعود الى اسرائيل وفتش عن العم سام. دمتم.. وعلى الحب نلتقي دوما.