يعتبر الحمل كمصطلح طبي حالة فسيولوجية تحدث فيها بعض التغيرات النفسية والجسمانية المصاحبة لتكوين الجنين في الرحم، لكن قد تصحب ذلك أعراض اخرى تنبىء عن الاصابة بمرض السكري، ففي هذه الحالة يسمى السكري البريء لانه يظهر اثناء الحمل، وقد تصاب الحامل بداء السكري مسبقا، وفي كلتا الحالتين يجب عليها ان تتبع نظاما دقيقا بدءا من التحليل اليومي، واستكمالا بالمتابعة الدقيقة المنتظمة طوال فترة الحمل، وهناك عوامل تساعد على ظهور السكر مثل الوراثة والبدانة وتقدم العمر وتلعب هذه العوامل ادوارا متفاوتة في الاصابة بداء السكري، وقد يولد الانسان ولديه الاستعداد للإصابة به الا انه يستطيع النجاة اذا ابتعد عن العوامل المساعدة لحدوثه. يجب على المريضة بداء السكري عندما تنوي الحمل ان تستشير طبيبها في ذلك للتأكد من سلامة الجسم واستعداده للتغيرات التي تحدث اثناء الحمل، والتأكد من خلوها من المشاكل الصحية الناتجة عن مضاعفات المرض كارتفاع ضغط الدم، او ضعف اداء الكلى، أو امراض القلب والشرايين، وكلما تم ضبط معدل السكر في الدم قبل الحمل بطريقة جيدة كان الحمل آمنا وخاليا من المضاعفات، حيث يلزم مراعاة قياس الهيموجلوبين السكري بالدم في الاشهر الثلاثة قبل الحمل، ليعطي تصورا عن مدى انضباط معدل السكر خلال (3 - 4) اشهر ماضية, ومن الامور التي نحرص عليها حدوث التشوهات الجنينية التي قد تصيب القلب، والجهاز العصبي والجهاز الهضمي والبولي حيث نؤكد على ضبط معدل سكر الدم في الاسابيع الثمانية الاولى من الحمل قدر المستطاع فهي مرحلة تكوين اعضاء الجنين الرئيسية والاحشاء الداخلية، وقد يحدث تساهل من قبل الحامل المريضة بدءا السكري في متابعة حالتها مع الطبيب وذلك لجهلها بمدى تأثير نسبة السكر في الدم على الجنين وفقا لمراحل النمو المختلفة. هناك ثلاث مراحل تتمثل في الثلث الاول من اشهر الحمل وهي مرحلة النطفة فالمضغة فالعلقة وهي تتأثر تأثرا كبيرا بنسبة السكر في الدم حيث يؤدي ارتفاعه الى موت الجنين او ظهور التشوهات الخلقية وهذه المرحلة حرجة جدا لكون العديد من الامهات لا يكتشفن الحمل الا بعد انتهاء هذه المرحلة او في نهايتها، اما الثلث الثاني من اشهر الحمل وهي مرحلة بدء افرازات الانسولين من غدة البنكرياس الخاصة بالجنين تبعا لوجود نسبة عالية من سكر الدم الامر الذي يؤدي الى زيادة في حجم الجنين، وفي الثلث الاخير من اشهر الحمل يصل الجنين الى حجمه الطبيعي ويبدأ بمكافحة ارتفاع السكر بإفراز كمية كبيرة من الانسولين حيث يقوم بخزن السكر الزائد بصورة شحوم تحت الجلد، الامر الذي يؤدي الى زيادة وزن الجنين، وقد تصاحب ذلك زيادة حجم السائل المحيط بالجنين، ويصاحب ذلك ايضا تعذر في نزول الجنين في الحوض الامر الذي يستدعى اجراء عملية قيصرية وقد يموت الجنين في آخر شهر من الحمل في داخل الرحم بسبب التغيرات التي تحدث في الدورة الدموية. اما اذا اردنا الحديث عن المرأة الحامل نفسها وما تصاب به من مضاعفات فهناك ازدياد القابلية لغيبوبة السكر الكيتونية والاصابة بالعدوى والالتهابات خاصة المهبلية والتهابات المسالك البولية، وقد تتعرض بعد الولادة لحالات النزيف او حمى النفاس او التهابات في الجهاز التناسلي. تستطيع الحامل المحافظة على نسبة سكر ثابتة في الدم من خلال تقييم الامر عبر ثلاثة محاور تتمثل في: الغذاء الصحي المتوازن، العلاج باستخدام الانسولين، والنشاط المحدود والمرغوب فيه، وتتم هذه الامور عبر زيارة الطبيب الذي يعمل على ضبط معدل السكر في الدم وعمل التحاليل والفحوصات الطبية اللازمة، ويعطي الارشادات اللازمة لمراقبة السكر في المنزل بواسطة الاشرطة التي تعتمد على الرؤية بصورة يومية، وفي بعض الاحيان يفضل دخول المستشفى حتى تقدر كمية الانسولين اللازمة في اليوم حسب نظام غذائي متكامل يحدد من قبل اخصائي التغذية. وبعد الخروج من المستشفى يتم نصح الحامل بعمل تحاليل متفرقة خلال اليوم قبل الوجبات وبساعتين بعد الوجبات وتسجيل القراءات كما يلزم الحامل فحص البول يوميا للبحث عن السكر والأسيتون وتسجل القراءات كذلك ليطلع عليها الطبيب في الزيارة القادمة. وينبغي على الحامل المصابة بالسكري المحافظة على مستوى السكر حماية للجنين، ويمنع نهائيا استعمال الاقراص المخفضة للسكر اثناء الحمل، وتستبدل بالأنسولين. استيعاب الكلية للسكر يقل خلال الاشهر الثلاثة الاخير من الحمل فيظهر في البول، لذا يجب الاعتماد على سكر الدم للمتابعة، ويجب ان لايزيد وزن الحامل من البداية حتى آخر الحمل على (11/10) كجم عن الوزن الطبيعي. في حالة ظهور السكر والأسيتون في البول، من الضروري استشارة الطبيب، ومتابعة الحمل كل اسبوعين حتى الاسبوع الثامن والعشرين وكل اسبوع بعد ذلك حتى الولادة، ويجب ان يكون مستوى السكر في الدم في حدود (100مجم/سم3) كما يبنغي اجراء فحوصات متتابعة بواسطة الاشعة فوق الصوتية لفحص حجم الجنين والمحافظة على علاج الالتهابات المهبلية والبولية علما بان اتباع النظام الغذائي الصحي المقدم من اخصائي التغذية يساعد على حفظ مستوى سكر الدم في المدى الطبيعي، ولابد ان تتم الولادة في المستشفى تحت الاشراف الطبي، ويفضل وجود اخصائي الاطفال اثناء الولادة وتعالج المريضة حسب حالتها الطبية. قد يحتاج الوليد ان يلاحظ في الساعات الاولى من الولادة بمتابعة الحالة الصحية وفحوصات الدم خشية حدوث هبوط في مستوى سكر الدم لديه. د. إيمان عمر بخرجي أخصائية نساء وولادة مديرة مكتب التعليم النسوي - الدمام