بعد ان انفض سامر الالعاب الاولمبية للاصحاء في آثينا تواجه هذه المدينة العريقة ابتداء من الثامن والعشرين من سبتمبر الجاري تنظيم دورة الالعاب الاولمبية (البارالمبية) للمعوقين والتي ستجري فعالياتها على نفس الملاعب التي اقيمت عليها مسابقات اولمبياد الاصحاء.. ومن المؤمل ان يشارك ما يربو على اربعة آلاف رياضي في هذه الدورة يمثلون 140 دولة وسيتضمن برنامج الدورة 19 لعبة بينها 15 من تلك التي يمارسها الرياضيون الاسوياء. وكانت دورة الالعاب الاولمبية بكل ومضاتها واشراقاتها قد تمخضت عن نتائج ينبغي التوقف عندها وفي مقدمتها الاقصاء السريع والمبكر لمشاركين عرب (أفرادا ومنتخبات) من الادوار الاولى لايمكن حصرها في هذه الزاوية.. فالعرب المشاركون حاولوا في اثينا ان يبحثوا عن دور طليعي لهم.. لكن تفكيرهم في هذا الدور صرفهم عن خوض المنافسات الجادة وتساقط الابطال العرب في مختلف الالعاب الفردية تباعا امام حدة التنافس.. اما في الالعاب الجماعية فكانت افضل النتائج احتلال العراق المركز الرابع في كرة القدم فيما منيت اليد المصرية (رابع العالم) بخمس هزائم متتالية لتخرج بخفي حنين.. وهذا يؤكد ان الرياضة العربية بكل صنوفها واشكالها مازالت بعيدة جدا عن صراعات (الاعلى والاسرع والاقوى) واذا حصل وتفوق لاعب او لاعبه في نوع من الرياضة فذلك يأتي على شكل طفرة وليس استنادا الى بنيان متماسك ولا اساس متين ولا استراتيجية مدروسة قادرة على صناعة الابطال وهذا يؤكد اننا كنا ومازلنا نعيش امية رياضية وان الفرق مازال شاسعا بيننا وبينهم. فهل يعقل ان يمضي من عمر الدورة نصف زمنها وتبقى الحفرة المزدوجة تستوعب كل الحلم العربي عن طريق الشيخ احمد بن حشر آل مكتوم في حين وجدنا السباح الامريكي فيلبس (19 سنة) الملقب بسمكة البراكودا يحصد وحدة ثماني ميداليات ذهبية.. لكن يجدر بنا ان نشير الى النتائج المشرفة التي حققها الابطال العرب حيث فرض العداء المغربي هشام القروج نفسه ملكا لسباق 1500م منذ عام 1997 وحتى فوزه بذهبية اولمبياد اثينا ليحصد جميع الالقاب العالمية من خلال تتويجه اربع مرات متوالية بطلا للعالم.. وكان السجل الذهبي الناصع للقروج ينقصه لقب اولمبي حيث فشل مرتين الاولى في اتلانتا عام 1996 عندما سقط قبل ال 400 م الاخيرة بارتطاع قدمه بقدم الجزائري مرسلي وخسر السباق.. والثانية في اولمبياد سيدني 2000م عندما اكتفى بالفضية.. لكن في اولمبياد اثينا كانت الثالثة ثابتة ولم يكتف بذلك بل احرز ذهبية 5 آلاف م وعلى طريقة العالم الاغريقي (ارخميدس) الذي جن في حمام السباحة عندما اهتدى الى قانون الطفو وعلى قاعدة (وجدتها.. وجدتها) فان المصارع المصري كرم ابراهيم جابر انتزع الاعجاب وخطف الاضواء في المصارعة الرومانية وتفوق في جميع نزالاته باقتدار واعاد عزف النشيد الوطني المصري الى الاولمبياد بعد غياب دام 44 سنة بعد فوزه بالميدالية الذهبية وهزيمته للبطل التركي في المباراة النهائية وفوزه الصريح من قبل على ابطال جورجيا وبولندا واليونان وكازخستان.. لقد وجد المصارع المصري كرم ابراهيم جابر في فكر فلاسفة الفراعنة الطريقة التي تقوده الى الذهبية وبالتالي الى تحقيق معجزة دوت اصداؤها كافة ارجاء المعمورة. ويقيني ان حصول العرب على اربع ميداليات ذهبية فقط حتى كتابة هذه الزاوية يعتبر امرا هزيلا.. ولهذا لابد من إعادة النظر في كيفية الحياة الرياضية والتفتيش عن سبل بنائها وتطويرها مستفيدين من خبرات من سبقها.. عسى ان يتغير الواقع ونبدأ بالسير لقطع مسافة الالف ميل بالخطوة الاولى السليمة. سلة الأوهام تجرع المنتخب الامريكي لكرة السلة ثالث هزيمة له في اولمبياد اثينا بسقوطه امام المنتخب الارجنتيني في نصف النهائي وقبلها خسارته امام ليتوانيا وايضا في الافتتاح امام بورتوريكو ليفقد منتخب الاحلام فرصته في الحصول على الذهبية ويتحول لمنتخب اوهام.. واعتبر الكثير من الخبراء الهزائم الثلاثة بأنها أضخم المفاجآت في تاريخ لعبة كرة السلة في تاريخ الالعاب الاولمبية.