قال محافظ بنك تونس المركزي ان الحكومة التونسية التي سعت الى تقليل نفوذ الدولة في القطاع المصرفي المشتت للبلاد خلال تسعينات القرن الماضي توجه البنوك نحو تجميع صفوفها للتغلب على المنافسة الاجنبية الحادة. غير ان توفيق بكار قال ان تونس تحتاج مع ذلك الى مزيد من التوسع في النشاط المصرفي مفندا رأي بعض المحللين الذين يقولون ان السوق المصرفية المحلية وصلت الى درجة التشبع. وقال بكار المؤشرات التي تظهر ان تونس لديها فرع بنك لكل 11500 من السكان وحسابان مصرفيان لكل خمسة اشخاص تؤكد انه يجب بذل مزيد من الجهود لتحقيق اهداف البلاد لتوسيع القطاع المصرفي. جاءت تصريحات بكار في وقت يترنح فيه المجتمع المصرفي من أثر ما يقول المحللون انه عجز الحكومة عن اجتذاب اهتمام البنوك الاجنبية بشراء حصة الدولة في بنك الجنوب وقدرها 54ر33 في المئة. وكان مسؤولون حكوميون قالوا لرويترز اوائل يونيو ان السلطات التي تحرص على تحقيق مزيد من الانفتاح للقطاع المصرفي امام المستثمرين الاجانب اختارت ثلاثة بنوك اوروبية وبنكا مغربيا في مرحلة اولى من خصخصة بنك الجنوب من بين بضعة مزايدين اعربوا عن اهتمامهم بشراء الحصة. وقال المسؤولون آنذاك ان البنوك الاربعة المختارة ستقدم عروضها المفصلة في موعد اقصاه 26 من يونيو ومن المتوقع اختيار الفائز في وقت لاحق من يوليو. ولم يدل احد من المسؤولين ومنهم بكار بأي تعقيب آخر على مزاد بيع حصة بنك الجنوب لكن مصادر الصناعة المصرفية قالت لرويترز ان مسؤولي الحكومة يلزمون الصمت في المسألة خوف الاحراج. وقال مصرفي كبير لرويترز احمرت وجوه كثيرة ... لانه لم يكن هناك بنك اجنبي راغب في شراء حصة بنك الجنوب في هذه المرحلة. وقال محللون ان حسابات البنك يثقلها قروض متعسرة وان الحكومة لاتزال تحتفظ بالسيطرة على البنوك التي تحوز معا نحو نصف موجودات النظام المصرفي بأكمله. وقالوا ان جهود البنوك لتقليل مخاطر القروض المتعسرة عاقها تباطؤ النمو عام 2002 حينما ارتفع اجمالي الناتج المحلي لتونس 7ر1 في المئة وهو اقل معدل نمو في 16 عاما بسبب قحط شديد وركود قطاع السياحة الرئيسي. وقال المحللون ان الوضع المالي لبنك الجنوب يعكس بحق احوال معظم البنوك في البلاد التي تتألف من ثلث مملوك ملكية خاصة وثلث مملوك لاجانب وثلث في ايدي الدولة. واعلن بنك الجنوب اوائل هذا الشهر ان صافي ربحه صفر عن النصف الاول للعام مقارنة مع ربح قدره 299ر5 مليون دينار /188ر4 مليون دولار عن الفترة نفسها من عام 2003 وذلك من جراء مضاعفة البنك لمخصصات المخاطر. وقال بكار ان البنوك حققت تحسنا كبيرا في خفض مخاطر القروض المتعسرة اذ نجحت في خفض نسبة الديون المتعسرة 15 في المئة مقارنة بالمخصصات بين عامي 1993 و2001 . وقال الوضع في عامي 2002 و2003 كان صعبا على البنوك لكنها اكتسبت على مدى السنوات الاخيرة قدرة على امتصاص الصدمات ونجحت في المحافظة على نسبة غطاء كاف للديون الى المخصصات. واضاف بكار قوله ان النمو القوي المتوقع هذا العام سيعزز ربحية النظام المصرفي ويساعد في تقليل مخاطر الديون المتعسرة. ومضى يقول //انتعاش النشاط الاقتصادي عام 2004 ولاسيما في صناعة السياحة سيعزز مؤشرات النظام المصرفي ويقلل نسبة الديون المتعسرة.// وتتوقع الحكومة ان ينمو اقتصاد تونس هذا العام مسجلا على الاقل نفس نسبة نموه في عام 2003 حينما نما بمعدل 6ر5 في المئة مقارنة مع 7ر1 في المئة عام 2002 . وتظهر احدث احصاءات رسمية ان الاقتصاد نما بنسبة 8ر1 في المئة في الربع الاول لهذا العام اي ما يعادل 5ر2 مثل نموه في الربع الاول من العام الماضي. ويتوقع مصرفيون ان ينتعش القطاع في اعقاب الانتعاش الاقتصادي للبلاد هذا العام لكنهم قلقون بشأن مستقبل القطاع المصرفي المحلي حينما تصبح السوق المحلية مفتوحة امام المنافسة الكاملة من الاتحاد الاوروبي. وبموجب اتفاق انتساب تجاري يربط تونس بالاتحاد الاوروبي فانه يتعين على تونس ان تفتح قطاعات خدماتها ومنها البنوك امام منافسة بلا قيد من الاتحاد الاوروبي بحلول عام 2008 . وقال بكار الوقت المتبقي لتحرير الخدمات المالية سوف يستخدم في تقوية قدرة البنوك على المنافسة واعداد القطاع المصرفي لمواجهة المنافسة الاجنبية. وتابع كلامه قائلا ان الحكومة لديها استراتيجية لاعادة هيكلة الصناعة المصرفية لاعداد الظروف المناسبة لمزيد من التجميع والتقارب بين البنوك للوصول باحجامها الى المستوى الامثل وتحقيق تضافر الجهود.لكنه استدرك بقوله ان الحكومة سوف تترك لعوامل السوق الحرة تقرير اعادة هيكلة القطاع المصرفي.