في وقت يستعيد فيه الاقتصاد الياباني عافيته، تشهد السوق اليابانية الناشئة للمزاد في مجال الفنون نموا متسارعا بفضل من يملكون المال لانفاقه على اقتناء التحف الفنية، بدلا من الاستثمار في شركات تبحث عن اموال. وتشكل الاسعار عامل جذب للمشترين لانها تشكل الآن - بعد نحو عامين من التحسن الاقتصادي بعد عقد من الركود - ارقاما زهيدة مقارنة بالمستويات الجنونية التي بلغتها اوائل التسعينات، عندما دفع احد الصناعيين اليابانيين نحو 80 مليون دولار لاقتناء عمل فني واحد لفان غوغ. وخلال عملية بيع في الآونة الاخيرة في طوكيو نظمتها صالة شينوا للمزادات العلنية الفنية، جذبت لوحة زيتية للفنان الفرنسي الانطباعي بيار اوغست رينوار بعنوان (ليتل غيرل وذ ان اورانج) مبلغ 150 مليون ين ياباني (ما يعادل 4ر1 مليون دولار) اي ضعف السعر الذي كان متوقعا قبل المزاد والبالغ نحو 80 مليون ين. وطبقا ليوشيريو كوراتا، مدير شينوا، كان سعر اللوحة الاعلى لاي من اللوحات ال150 التي عرضت في المزاد الذي بلغ مجموع عائداته نحو 851 مليون ين. واضاف كوراتا لوكالة فرانس برس أن هذه النتائج تظهر ان المزادات على القطع الفنية تلفت الاهتمام في اليابان. وفي السابق، كانت معظم القطع والتحف الفنية الجميلة تجلب من الخارج وتباع في المحال التجارية او المعارض الفنية في حي غينيز التجاري في طوكيو الذي يقصده افراد الطبقة الاجتماعية العليا والاثرياء. وكان اصحاب الملايين الذين يهتمون في اقتناء اشهر الاعمال الفنية واعلاها قيمة يتوجهون للمزادات الكبيرة في لندن ونيويورك حيث صالات كريستيز وسوثبيز. وفي 1990، اصبحت شينوا اول شركة يابانية تنظم مزادات للفنون الجميلة، وكان حجم السوق الاجمالي آنذاك يبلغ نحو اربعة مليارات ين. لكن بعد ستة اعوام من التضخم الاقتصادي في الاصول اوائل التسعينات، شهد قطاع المزادات العلنية نموا بطيئا حيث استغرقت مضاعفة قيمة سوقه الى ثمانية مليارات ين ياباني نحو عقد من السنوات. وقال هيديو هوشينو، المدير الاداري لشركة (ديسكفري ناشينال اوكشن) للمزادات العلنية إن سوق المزاد العلني الفني مرتبط بشكل وثيق مع الدورة الاقتصادية. ونحن نرى مزيدا من المشترين والبائعين للقطع الفنية، حيث ان السوق آخذ بالتوسع بسرعة يساعده في ذلك التحسن الاقتصادي. وفي العام الماضي، بلغت قيمة سوق المزادات الفنية نحو 10 مليارات ين، ومن المتوقع ان تبلغ نحو 15 مليارا في 2004، مسجلة بذلك نموا بنسبة 50%. واضافة الى النشاط الاقتصادي الملحوظ، فان يوشيرو ساساياما، رئيس شركة مينيشي اوكشن للمزاد، يرى ان تلك المزادات اصبحت تشهد اقبالا شعبيا اكبر لان اسعار القطع الفنية هبطت لمستويات اصبح في امكان العديد من الناس شراؤها. وفي تلك الفترة، كانت اسعار الاعمال الفنية تعتبر مع العقارات او السيارات الرائعة، ما من شأنه استثمارا من الشركات والبنوك التي تمتلك المال وسهولة فتح اعتمادات مصرفية، والتي كانت تفترض خطأ ان قيمة استثماراتها ستواصل الارتفاعه. وفاجأ الصناعي الياباني روي سايتو عالم الفن عندما دفع مبلغ 82ر5 مليون دولار لشراء لوحة بريشة فينسيت فان غوغ (بورتريه اوف دكتور جاشيه) ونحو 87ر1 مليون دولار للوحة الفنان الفرنسي رينوار (اومولان دي لا غاليت) في 1990. لكن مع انحسار حالة الركود الاقتصادي، قامت عدة شركات وبنوك بانزال الاعمال الفنية التي بحوزتها لاسواق المزادات العلنية الفنية. وقال هوشينو من شركة ديسكفري إن الشركات المفلسة والتي تمر بمصاعب مالية جاءت للمزاد لبيع اللوحات التي لديها. واذا لم يكن هناك سوق للقطع الفنية بالمزاد العلني، فقد كان من الممكن ان تباع هذه اللوحات بالسوق السوداء. واوضح سيساما من شركة مينيشي إن اسعار اللوحات وصل الى ادنى مستوياته العام الماضي، لكنه الآن اخذ بالارتفاع مجددا، غير ان هذه الاسعار لا تزال اقل بمقدار الخمس او الثلث من الاسعار التي كانت سائدة. وهناك استثناءات، بينها اعمال الفنانين الاميركيين اندي وارهول وروي ليشتنشتاين، التي تستقطب اهتماما قويا واسعارا اعلى من تلك التي كانت في الاسواق خلال فترة الركود الاقتصادي. فطبقا لشنوا، كان من المتوقع ان تصل قيمة مجموعة مؤلفة من ست صور للفنان وارهول بعنوان (سكس بارتس) الى 400 الف ين ياباني، لكن قيمة المزاد رست عند 950 الف ين واشترتها امرأة في منتصف العمر. وقال رجل أعمال من طوكيو، رفض الافصاح عن اسمه، لوكالة فرانس برس خلال مشاركته في احد المزادات: زوجتي وأنا نحب الفن الحديث. لقد انفقنا كل ارباحنا على اقتناء اللوحات. وعلى الرغم من ان النمو المتسارع في السنوات الماضية، فان سوق المزاد الفني الياباني لايزال صغير الحجم مقارنة مع مبيعات مزادات كريستيز التي بلغت مبيعاتها العام الماضي ملياري دولار. وقال كوراتا في مزاد شنوا إن اليابانيين الذين يمتلكون اللوحات الانطباعية والغربية يعتقدون خطأ انهم سيحصلون على صفقات افضل من هنا من خلال بيعهم مقنياتهم لكل من كريستيز وسوثبيز.