كان قلة من الناس في أوساط الفن، حتى فترة قصيرة، قد سمعت بدور المزادات الصينية، إلا أنها اليوم من بين كبريات هذه الدور عالميا على صعيد العائدات، وهي تقضم شيئا فشيئا نفوذ مؤسسات مثل “سوذبيز” و”كريستيز”. مع أن حجمها أصغر من منافساتها الأجنبية، فإن خمس دور مزادات صينية هي بين الدور العشر الأولى في العالم على صعيد رقم الأعمال، على ما أفاد تقرير لمجلس المبيعات. ازدهار هذه الدور، المدعوم بشهية جامعي التحف الفنية الأثرياء في الصين، شكل تحولا في قطاع كان لعقود طويلة حكراً على دور قليلة تتخذ من أوروبا مقرا لها. وتقول شركة “آرت برايس” الفرنسية، المتخصصة في المعلومات عن أسواق الفن، إن عائدات مبيعات المزادات في العالم ارتفعت بنسبة 21% في 2011، ووصلت إلى مستوى غير مسبوق بلغ 11,54 مليار دولار. وتحتل الصين المرتبة الأولى في هذا المجال مع 41% من السوق. وكانت الصين احتلت المرتبة الأولى في أسواق الفن العام 2010، وقد عززت منذ ذلك الحين مكانتها. ويقول رئيس دار “كريستيز” في آسيا فرنسوا كورييل: “منذ العام 1776 تاريخ تأسيس شركتنا، وحتى خمس سنوات، كانت منافستنا الرئيسية دار “سوذبيز”. أما اليوم في آسيا فقد تغير الوضع”. ويضيف “للمرة الأولى في التاريخ دور البيع المحلية تسجل نتائج افضل منا في السوق المحلية”. دارا المزادات الصينيتان الرئيسيتان “بيجينغ بولي” و”تشاينا غارديان” تحتلان المركزين الثالث والرابع مباشرة بعد “كريستيز” و”سوذبيز” بعدما تجاوزتا في غضون سنوات قليلة أسماء كبيرة مثل دار بونامز. في العام الماضي، بلغت قيمة مبيعات “بولي” المتراكمة 12,1 مليار يوان (1,52 مليار يورو) أي اكثر من عائدات “كريستيز” و”سوذبيز” مجتمعتين، في كل منطقة آسيا. أما “تشاينا غارديان” فبلغت عاداتها 11,2 مليار يوان (1,41 مليار يورو) بارتفاع قدره 1,8 مليار يوان في ثلاث سنوات. ويأتي هذا النجاح في حين دفع جيل جديد من جامعي التحف في الصين، بكين وبدرجة أقل شانغهاي إلى الصف الأمامي في الساحة الفنية. وباتت أعمال فنية صينية تحطم الأسعار القياسية بانتظام في المزادات. الفنان الصيني زانغ داكيان (1899-1983) أصبح الفنان الأول في تنصيف المزادات العالمية في العام 2011، مطيحا ببابلو بيكاسو، الذي تراجع إلى المرتبة الرابعة وراء الصيني كي بياشي، والأميركي أندي وارهول. بيعت لوحة لكي بايشي (1964-1957)، تمثل نسرا على غصن شجرة صنوبر، في مايو 2011 في بكين من قبل “تشاينا غارديان” بسعر هائل قدره 425,5 مليون يوان (46,5 مليون يورو)، وهو سعر قياسي عالمي للوحة من الفن الصيني المعاصر، والسعر الأعلى عالميا في 2011 بين جميع أنواع اللوحات. ويقول وانغ يانان (مدير ورئيس “تشانيا غارديان” التي تأسست في 1993 فقط): “الأثرياء الجدد في الصين ليس لديهم وسائل كثيرة لإنفاق المال. والفن هي إحداها”. وتحتل الصين المرتبة الأولى في سوق الفن مع 27% من العائدات العالمية بحسب “آرت برايس”. ولا يسمح لدور البيع الأجنبية بفتح فروع في الصين القارية، فتجد نفسها في موقف ضعف أمام الزبائن الصينيين، لكن ل ”كريستيز” و”سوذبيز” نشاطات مزدهرة في هونغ كونغ. يقول المدير العام ل ”سوذبيز” في آسيا كيفين شينغ: “قبل خمس سنوات كانت 4% من مبيعاتنا السنوية في هونغ كونغ مرتبطة بالصين. أما النسبة راهنا فتراوح بين 40 و50%”. وأضاف “يعزو الكثيرون هذا الأمر إلى بروز الصين كقوة اقتصادية وسياسية عالمية”. أ ف ب | بكين