منذ ايام فوجئت بدخول شخص ما الى مكتبي. وحينما ألقى تحية السلام ونظرت اليه، لم اتمالك نفسي فقمت من وراء مكتبي وسلمت عليه وعانقته بحرارة شديدة, ووقفت معه طويلا قبل ان اقول: له تفضل بالجلوس. هذا الشخص كان احد زملاء الدراسة الذي فرقتنا الايام لعدم تواجدنا نحن الاثنين في مكان واحد لكني لم انس اصدقائي خصوصا المقربين. فرحت فرحة شديدة لرؤيته بدأنا نتذكر ايام زمان والدراسة.. واين كنا نقضي وقتنا. تلك الايام كانت فرحتي لا تعادل بثمن لم اسأله عن سبب زيارته لي في مكتبي ولم اعطه فرصة ليقول لي ما اذا يريد. شربنا الشاي وكان الوقت ظهرا يعني وقت غداء. انتهى الدوام وذهبنا الى منزلي لتناول طعام الغداء من دون ان اخبر ام العيال حتى لا تكون هناك اي كلفة. وبعد الغداء ونحن نتحدث عن أيام زمان سكت برهة وقال لم تسألني عن سبب مجيئي قلت له: ليست هذه اصول انا فرحان بلقائك قال لي: لم اتوقع منك هذا اللقاء الحار لقد اثبت لي انك صديق وفي لا تنسى اصدقاءك بعكس (فلان) الله لا يكثر من امثاله. في الحال قلت له تفضل ماذا عندك حدثني بحرارة عن موضوع هام بالنسبة له ويشغله تماما. الموضوع يخص ابنه (المهم ان الموضوع بتوفيق من الله عز وجل انتهى وكما يريد كانت فرحته لا توصف وكانت دموعه تنهمر وهو يحضنني) اشترطت عليه ان يبقى معي هذا اليوم ووافق. تطرقنا لمواضيع عديدة وحينما سألته عن زميلنا وصديقنا الذي لم ننقطع نحن الثلاثة طيلة ثلاث سنوات دراسة ابدا قال لي باللهجة العامية يخسي ما هو من الرجال. لقد انساه المنصب والكرسي والمال والنفوذ صديق عمره اصبح ينفر ويشمئز من جميع اصحابه يتطاول عليهم بالكلام غير اللائق ويطول لسانه على اصدقائه المقربين الذين كانوا لا يفارقونه ابتعدوا عنه واصبح لديه اصدقاء جدد ليس له الا التفكير في جمع المال والمشاريع العملاقة. يسترسل ويقول: تصور زوج ابنته منذ شهرين ولم يدع لهذا العرس ايا من اصدقائه المقربين سابقا واكتفى بمن حوله من اصحاب المصالح الخاصة. رددت عليه قلت له: الله يرحم ايام زمان تذكر كان يستلف منا فلوس الرحلات ولا يستطيع سدادها بعد هذا اللقاء وجهت لنفسي عدة اسئلة: اولا: ألا يعي صديقنا هذا وامثاله ان هذا الغرور والكبرياء والغطرسة ما هي الا مرض اجتماعي خطير؟ ثانيا: ألا يعي صاحبنا ان الجاه والمال والمنصب قد يذهبون دون رجعة وهذه سنة الحياة؟ ثالثا: ماذا سيفعل صاحبنا اذا فقد احد هذه العناصر فهل يعتقد صاحبنا ان ممن حوله من اصحاب المصالح الخاصة وممن يبدون له حبهم وخضوعهم انهم اول الناس ممن سيغادرونه ولن يسألوا عنه والمجتمع مليء والعبرة لمن اعتبر. نقطة اخيرة: تذكر يا سيدي ان دوام الحال من المحال والدنيا كالسحابة قد تكون مليئة بالمطر وقد تكون فارغة وكلاهما يمران وينتهيان.