انهم سلالة جديدة من الموظفين العموميين في باراجواي جاء بهم من القطاع الخاص رئيس يحتاج الى اتخاذ اجراءات صارمة ضد الفساد المستشري الذي أفرغ خزائن الدولة. وعندما يتحدثون عن الفساد فانهم لا يهزلون ولا ينحنون أمام الضغوط السياسية. ويحتاجون الى حراسة ليل نهار. ويحققون تقدما على ما يبدو فيما يحتفل الرئيس نيكانور دوراتي فروتوس بمرور عام على توليه منصبه. والمعارضة والكنيسة الكاثوليكية والدبلوماسيون وجماعات مراقبة الفساد يقرون جميعا بحدوث تقدم وان كانت لديهم تحفظات. قال الاسقف أوسكار بايز جارسيت الذي يرأس الجهاز الاجتماعي والسياسي للكنيسة نرى أساسات للتغيير لكننا لا نرى تغييرا بعد... فالفساد ينخر عظامنا حقا. وتحتل باراجواي المرتبة الرابعة للدول الاكثر فسادا من بين 133 دولة يشملها تصنيف منظمة الشفافية الدولية التي تراقب الفساد. ولا يسبقها في امريكا اللاتينية سوى هايتي. كما تعد باراجواي مركزا اقليميا للتهريب بدءا بالسيارات وانتهاء بالسلاح. ويتصدر الحملة المناهضة للفساد وزير المالية ديونيسيو بوردا وهو اقتصادي تدرب في الولاياتالمتحدة ويتعهد بأن تشمل قاعدة بيانات على الكمبيوتر كل مواطن في باراجواي وبأن تدرج بياناتهم بطريقة تسهل الوصول الى معلومات عنهم. وتنتقل انجازاته من البسيط .. حيث فرض على موظفي الحكومة وضع شارة بطاقة هوية.. الى المعقد مثل اجراء اصلاح كامل في قانون الضريبة ليدفع سكان باراجواي البالغ عددهم 6ر5 مليون نسمة ولاول مرة ضريبة على الدخل. قال بوردا انه يعمل بتفويض كامل من الرئيس. وقام بتعيين فريقه ويضج مكتبه باقتصاديين شبان تعلموا في الخارج يقدمون عروضا بالكمبيوتر توضح كيف تحسنت باراجواي هذا العام. وفي الشارع نفسه في العاصمة اسونسيون يوجد مكتب مارجريتا دياز فيفار مديرة الجمارك بوزارة المالية التي تزعم أنها تدير أكبر وكر للفساد في باراجواي. وقالت دياز دي فيفار وهي امرأة تبلغ من العمر 61 عاما ولها تاريخ طويل في القطاع الخاص الفساد دمر كل شيء هنا من وجهة نظر اقتصادية وأخلاقية ومعنوية. وأحد الخطوات الكبيرة التي اتخذت في الجمارك هي أن طلب من المفتشين البقاء في بيوتهم وعدم الذهاب للعمل. وكان يشتبه في أن الوسطاء يتكسبون الاموال في كل منعطف في متاهة جهاز الجمارك. وتولى دوراتي فروتوس في أغسطس عام 2003 رئاسة بلاد عاجزة عن دفع المرتبات والمعاشات الى جانب ديونها. ولم يتغير متوسط الدخل الفردي لمواطنيها منذ 25 عاما. وكان ذلك نتاجا لحكم اخوانه في حزب كولورادو للبلاد على مدى أكثر من نصف قرن. وحكم الحزب باراجواي على مدى الاعوام السبعة والخمسين الماضية ليصبح بذلك الحزب الذي استمر في الحكم لمدة أطول من أي حزب آخر في العالم وسط صعود امبراطورية الفساد سيئة السمعة. ويلقي الكثيرون بمسؤولية ذلك على الحكم العسكري لالفريدو ستروسنر في الفترة من 1954 وحتى 1989. ويقول السناتور المعارض خوسيه مورينيجو ان ستروسنر حكم الدولة كضيعة خاصة يمنح مزايا لرجال من المستويات الوسطى مقابل ولاءهم. واستشرى الفساد في باراجواي الى حد القبض على رئيسها الاسبق وهو يقود سيارة مسروقة في البرازيل وجعل من باراجواي مكانا يمكن فيه شراء رخصة قيادة مزورة من الشارع وأصبح التهريب أكبر نشاط اقتصادي بها. ولا غرابة في الاعتقاد بأن الفساد ربما لعب دورا في الحريق المأساوي الذي نشب في متجر كبير في أول أغسطس الجاري والذي سقط فيه 400 قتيل على الاقل. قال دوارتي فروتوس بدلا من وضع آليات للامان كانت هناك رشى.. ان اولئك الذين يقدمون الرشوة واولئك المرتشين يدمرون هذا البلد. وليس ابناء باراجواي وحدهم الذين يسعون لوضع حد لسيطرة الفساد على بلادهم التي لا تطل على بحار. فالولاياتالمتحدة اشارت الى منطقة حدود باراجواي مع كل من البرازيل والارجنتين والتي تعرف بالمثلث الحدودي باعتبارها محورا لغسيل الاموال. وتقع سيوداد ديل است في قلب هذه الشكوك وهي عش للتهريب والقرصنة تنقل من خلاله مليارات الدولارات سنويا خارج القنوات القانونية لصناعات الموسيقى والتبغ والالكترونيات. وبينما تعترف الاغلبية بالتقدم الذي حدث في الحرب على الفساد في باراجواي خلال العام الاول لحكومة الرئيس دوراتي فروتوس لا يزال هناك متشككون. ووصف اليخاندرو نيسن وهو مدع عام سابق اشتهر بقضاياه ضد الفساد الحملة الراهنة على الفساد بأنها مجرد ثغرة. ويقول نيسن ان النخبة الاقتصادية وذوي النفوذ السياسي سيظلان بعيدين عن يد العدالة. وعندما حاول اعتقال الرئيس الاسبق وزوجته لقيادتهما سيارة مسروقة اكتشف أن الوثائق مزورة باتقان الى درجة أنه لم يتمكن من مواصلة القضية. ثم طرد في وقت لاحق من مكتب الادعاء. ويعد النظام القضائي الركيزة الثالثة للفساد في باراجواي الى جانب الجمارك والضرائب. ويخشى المحللون من أن جهود فريق الرئيس دوراتي فروتوس من التكنوقراطيين ستذهب سدى اذا لم ينجح الرئيس في اصلاح النظام القضائي. قال بيلار كاليتزو مدير فرع منظمة الشفافية الدولية في باراجواي اذا استمر التهرب من العقاب سنشهد ردة كبيرة جدا لاننا سنصل الى مستوى من الشك يمكن أن يكون خطيرا جدا.