يقولون عنه في الصين الآن انه مهندس الاصلاحات الاقتصادية الجذرية والزعيم الطيب الذي داوى جراح الملايين الذين عصفت بهم فوضى الثورة الثقافية خلال الفترة من 1966 الى 1976 والقائد العسكري العبقري ولاعب البريدج الماهر ورجل العائلة. هكذا تكيل وسائل الاعلام الرسمية المديح للزعيم الصيني الراحل دنج شياو بينج قبيل الاحتفال اليوم الاحد بالذكرى المائة لمولده الذي يذكر 3ر1 مليار صيني بانهم مدينيون بما يتمتعون به من رخاء لدنج وللحزب الشيوعي الذي يحتكر السلطة منذ عام 1949. ولم يتعرض سيل من الكتب الجديدة والمقالات الافتتاحية في الصحف والبرامج التلفزيونية الخاصة ابدا لزلات دنج. غير أن رئيس الوزراء الاسبق لي بنج اثار الدهشة بمقال نادر نشره قبل أيام في مجلة رسمية اتهم فيه الزعيم الراحل بانه صاحب قرار ارسال القوات للقضاء على الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية في ميدان السلام السماوي عام 1989. وتوفي دنج الشديد القصر في عام 1997 عن 92 عاما بعدما حرر الصين من أسر التخطيط المركزي الاقتصادي للحزب الشيوعي الصيني. وقد تقرر انطلاق حملة دعاية قوية عبر وسائل الاعلام لاحياء ذكراه والاشادة به لدوره في وقف تجاوزات الثورة الثقافية التي اطلق شراراتها الزعيم الراحل ماوتسي تونج. وقال جين زونج خبير الشؤون الصينية المقيم بهونج كونج يأمل الحزب الشيوعي في أن يؤدي التغني بانجازات دنج الى ان تنسى الناس اخطاء الحزب في الماضي ومشكلاته اليوم. وأضاف جين: انها لصرف الانتباه بعيدا عن الفساد والفجوة المتزايدة الاتساع بين الاغنياء والفقراء والظلم الاجتماعي. وتروج وسائل الاعلام الحكومية لقصص كثيرة عن دنج وحياته وانجازاته والآثار القوية التي أسفرت عنها سياسة الإصلاح والانفتاح التي أطلقها بعد وفاة ماو في عام 1976 . وصدرت الاوامر لمسؤولي الحزب بترك أعمالهم وحضور دورات دراسية سياسية ومشاهدة فيلم جديد عن دنج. وزار نحو ثلاثة ملايين سائح بلدة جوانجان مسقط رأس دنج في جنوب غرب الصين في النصف الاول من العام بزيادة 48ر2 مليون زائر في العام الماضي كله. والمفارقة ان دنج نفسه كان أقل انتماء فيما يتعلق بهذه الناحية. فقد ترك داره وعمره 16 عاما ولم يعد أبدا. وتدفق قادة الحزب الشيوعي الحاكم على معرض في بكين عن حياة دنج كي ينظر اليهم أيضا باعتبارهم اصلاحيين. وأشادت دنج رونج صغرى بنات دنج بوالدها لقراره باعتزال السياسة وانهاء ظاهرة تمسك قادة الحزب بالسلطة حتى الموت. والموقع الوحيد الذي احتفظ به طوال عمره هو رئاسة اتحاد البريدج الصيني. وقالت لاحدى المجلات الغاء نظام تولي السلطة طوال العمر كان أحد أعظم اسهامات دنج للصين في القرن العشرين. وينظر بعض المحللين الى ذلك باعتباره تلميحا الى جيانج تسه مين الرئيس المتقاعد ورئيس الحزب البالغ من العمر 77 عاما كي يسير على خطى دنج ويتقاعد في سبتمبر من آخر موقع له كرئيس للجنة العسكرية المركزية. واحتفظ دنج بهذا المنصب لمدة عامين حتى عام 1989 بعدما خرج من اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب. وجيانج سيتجاوز دنج اذا تمسك برئاسة اللجنة بعد سبتمبر. وتعقد اللجنة المركزية للحزب المؤلفة من 198 عضوا اجتماعها الموسع الرابع الشهر القادم حيث تتركز كل العيون على ما اذا كان جيانج سيتنازل عما بقي في يديه من سلطات للرئيس هو جين تاو. ويكافح جيانج من أجل الاحتفاظ بالسلطة في مواجهة هو جين تاو البالغ من العمر 61 عاما الذي حل مكانه في زعامة الحزب عام 2002 وكرئيس للبلاد في عام 2003. وقد يصبح دنج بطلا مع احتفال الصينيين بالذكرى المئوية لمولده. وينظر محللون الى مقال لي بنج على انه محاولة من جانب الرجل الذي عرف بانه جزار بكين لغسل يديه من قرار القضاء على احتجاجات ميدان (السلام السماوي) وتطهير اسمه. فقد أعلنت الاحكام العرفية قبل أيام من قيام القوات المدعومة بالدبابات عن قتل مئات من المحتجين غير المسلحين يومي الثالث والرابع من شهر يونيو. وقال المنشق السياسي ليو شياوبو: كل القرارات السياسية المهمة أصدرها دنج شياو بينج. لي بنج كان مجرد أداة التنفيذ.