بعد مناقشات استمرت نحو ثلاثة اسابيع اقر البرلمان المقدوني قانون اللامركزية للدولة والذي يقوي ويزيد من صلاحيات السلطات المحلية ويمنح عمليا حقوقا جديدة اوسع للاقلية الالبانية0 وحقيقة ان القانون قد تم اقراره برلمانيا من 61 نائبا فقط من اجمالي 120 هم تعداد مقاعد البرلمان المقدوني وفي غياب او انسحاب نواب المعارضة فان هذا الامر يعكس الازمة والخلاف حول القانون الجديد الذي اعاد التخطيط الجغرافي للمناطق المحلية المقدونية وضم بعض المناطق الصغيرة الى المناطق الكبرى المجاورة ليتحول تعداد المناطق والمجالس المحلية المقدونية من 123 الى ثمانين منطقة ومجلس محلي. ويعكس الخلاف على الجانب الأخر هشاشة وضعف حالة السلام الاجتماعي في مقدونيا التي اقرت خلال شهر اغسطس من العام 2002 بعد التوقيع على اتفاقية اوخرد التي وضعت حدا لسبعة اشهر من الصدامات العسكرية بين الفدائيين الالبان وقوات الامن المقدونية. ويرى بعض المقدونيين ان قانون اللا مركزية الجديد يأتي في صالح التيار العرقي الالباني الذى يمثل 7ر22 في المائة من سكان مقدونيا البالغ تعدادهم مليوني نسمة وحيث يصبح هذا التيار وفق القانون الجديد معادلا لنسبة 20 في المائة من تعداد العاصمة اسكوبيا مما يؤدي الى اعتبار اللغة الالبانية كلغة رسمية ثانية في عاصمة الدولة. ويرى استاذ القانون الدولي بجامعة اسكوبيا لوبومير فراتشكوفسكي ان القانون الجديد الذي يهدف الى تقوية السلطة المحلية يعد الحلقة الاخيرة من سلسلة الاجراءات التي نصت عليها اتفاقية اوخرد والموقعة من القيادات السياسية الالبانية والمقدونية الممثلة في البرلمان وبرعاية المجتمع الدولي. واضاف فراتشكوفسكي انه على المدى الطويل وبشكل عملي فان القانون الجديد يفتح الطريق امام فيدرالية مقدونيا وربما الى امكانية تقسيمها بين مجتمع الباني وآخر مقدوني الامر الذي قد يعيد حالة التوتر الشديد الى المنطقة. من جهته يرى المحلل السياسي المقدوني ايوفان دانوف ان القانون يتناقض مع اتفاقية اوخرد ويعادل في قوته تعديل الحدود العرقية في الدولة وقد يشعل فتيل الازمة مجددا بين التيارات العرقية مما قد يؤدي الى زعزعة استقرار الدولة ويعيد الصدامات من جديد. وكان مشروع القانون قد تقدم به الى البرلمان رئيس الحكومة وزعيم اتحاد الاشتراكيين الديمقراطيين برانكو تسرفينكوفسكي قبل ان يتم انتخابه بعد ذلك كرئيس للجمهورية المقدونية وحليفه في الائتلاف الحكومي زعيم الاتحاد الديمقراطي للالتحاق الالباني علي احمدي الذي قاد في السابق صدامات عسكرية مع قوات الامن المقدونية تحت شعار المطالبة بحقوق اوسع واكثر للمجتمع الالباني في مقدونيا. وقد ادت الصدامات العسكرية الى تدخل المجتمع الدولي وعقد اتفاقية اوخرد للسلام والتي حققت العديد من المكاسب السياسية والاجتماعية لالبان مقدونيا وسمحت لهم بالمشاركة الفعلية في السلطة. ووفق نصوص الاتفاقية فقد تحول جيش التحرير الوطني الذي يتزعمه احمدي الى منظمة وحزب سياسي وتم نزع سلاحه بواسطة قوات حلف شمال الاطلسي (ناتو) وهو شارك في الانتخابات البرلمانية وتمكن من الفوز بعدد من المقاعد التي اهلته للمشاركة بشكل فعال في السلطة. ويعد قانون اللامركزية الجديد من اهم الاهداف التي سعى احمدي وتياره الالباني الى تحقيقها على اعتباره يمنح الالبان في المناطق التي يمثلون فيها الاغلبية شبه استقلال وحرية محلية سياسية واقتصادية من خلال التمويل الذاتي الامر الذي يفتح الطريق على مصراعيه امام تحقيق الهدف الالباني الاسمى في مقدونيا بالمطالبة في المستقبل ببرلمان الباني مستقل وفيدرالية على غرار النموذج المطبق حاليا في البوسنة. وقد احدث قبول القانون ردود فعل حادة لدى قوى المعارضة المقدونية التي عبرت عن مخاوفها من ان يخدم القانون الجديد الخطط الالبانية وان يعطي الضوء الاخضر لانشاء مناطق جغرافية عرقية واستخدام الآلية الديمقراطية للانتخابات المحلية والبرلمانية لتحقيق مبادىء واهداف عرقية في الهياكل والاجهزة الخاصة بالحكم الذاتي المحلي والتي يملكون من خلالها استقلالا كبيرا عن السلطة المركزية. وقد دعت بعض ظواهر الاحتجاج والتوعد في عدد من المدن المقدونية الى ترقب ما يمكن ان ينتج عن تطبيق القانون الجديد واعادة التوزيع الجغرافي للدولة المقدونية والاحداث السريعة والديناميكية اليومية خشية انهيار السلام الهش في مقدونيا وانفجار ازمة بلقانية جديدة قد تهدد الاستقرار والسلام في المنطقة.