كان عرض الرئيس الكولومبي ألفارو يوريب المفاجئ بمبادلة المتمردين اليساريين المعتقلين بالرهائن المحتجزين من قبل المتمردين سخيا بدرجة كبيرة لكنه في الوقت نفسه يحمل دهاء سياسيا. وبعرضه هذا الذي طالما رفض أن يقدم عليه من قبل حقق الرئيس الكولومبي ثلاثة أهداف بضربة واحدة أولا التوافق مع الشعور الشعبي في بلاده ثانيا وضع مزيد من الضغط على حركة التمرد اليسارية المعروفة باسم قوات كولومبيا المسلحة الثورية وثالثا الحصول على الدعم الجماهيري في مسعى لاعادة انتخابه مرة أخرى. وكان الرئيس الكولومبي ألفارو يوريب قد عرض مبادلة متمردين معتقلين بضباط شرطة وجنود وسياسيين محتجزين من قبل الحركة كرهائن. وقال المبعوث الحكومي للسلام كارلوس ريستريبو يوم الاربعاء إنه بمقتضى العرض ستطلق الحكومة سراح 50 متمردا في حالة موافقة القوات المسلحة الثورية على إطلاق سراح رجال الامن والسياسيين المحتجزين لديها. وسيسمح للمتمردين المفرج عنهم إما بمغادرة كولومبيا أو الانخراط في الحياة المدنية مع توفير مساعدة حكومية لهم. ويمثل العرض الذي اتفق عليه بعد وساطة سويسرية في الثالث والعشرين من يوليو الماضي تحولا في سياسة الحكومة الكولومبية. ولم يصل بعد رد المتمردين اليساريين على عرض الرئيس الكولومبي. وحذرت القوات المسلحة الثورية في بداية الاسبوع الماضي الحكومة من الاقدام على شن هجوم عسكري على مواقعها لان هذا الامر سيعرض حياة الرهائن المحتجزين لديها للخطر. ويحاول الرئيس الكولومبي القضاء على متمردي القوات المسلحة الثورية عسكريا والهجوم الذي تشنه القوات الحكومية حاليا هو الاعنف طوال 40 عاما هي عمر الصراع بين الجانبين. وأوضح محللون أول أمس ان العرض يمثل نقطة تحول لرئيس طالما كان رافضا لعملية التبادل علاوة على أن موقفه كان متشددا على طول الخط تجاه الحركه بالرغم من المأساة الانسانية للرهائن. وقال المعلق السياسي جوزيه ألفريدو رانجل إن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: لماذا تأخرت الحكومة في تقديم هذا العرض؟ لماذا لم تتقدم به منذ ستة أشهر أو عام عندما كان أغلب الرأي العام يعارض عملية التبادل . وتابع: أما الان فإن أكثر من 60 بالمائة من الكولومبيين يؤيدون عملية المقايضة . وقال المحلل السياسي بيدرو ميديلين إن عرض التبادل له مغزى سياسي وهو تمهيد الارضية في البرلمان لتمرير مشروع قانون يسمح ليوريب بترشيح نفسه للمرة الثانية على التوالي رئيسا للبلاد. وبمقتضى القانون الحالي فإنه لا يحق للرئيس الكولومبي الاحتفاظ بمنصبه لفترتين متتاليتين. وعلى الرغم من أن معظم المشرعين وعائلات الرهائن قد أعربوا عن سعادتهم بالعرض إلا أن يوريب قد يدفع ثمن ذلك كما أشار المشرع البارز في الحزب الحاكم جيرمان فارجاس عندما قال إذا كنا نساند الرئيس ومشروع قانون إعادة انتخابه فهذا لاننا نؤمن بسياساته الامنية الديمقراطية فإذا ما تغيرت هذه السياسة جذريا فكثير منا سيعيد التفكير مرة أخرى في الاحداث . وبرغم تضاؤل احتمالات نجاح عملية التبادل فإن النقطة التي تظل عالقة هي قائمة المتمردين الذين ستفرج عنهم الحكومة. فيطالب متمردو القوات المسلحة الثورية بإطلاق سراح زعيمين لهم هما سيمون ترينيداد وناييب روجاس المتهمين بتهريب المخدرات وارتكاب عمليات اختطاف لكن الحكومة تؤكد أنهما لن يكونا ضمن المفرج عنهم من المتمردين. وأشاد أقارب الرهائن بإعلان يوريب لكنهم أعربوا في نفس الوقت عن قلقهم من عدم توافر ضمانات تشير إلى أن المتمردين سيقبلون بشروط الحكومة التي تشترط الافراج فقط عن المقاتلين المتهمين بالتمرد. وقال المتحدث باسم أقارب الرهائن إن أمهات الرهائن المختطفين أرسلوا خطابا إلى الحكومة يطالبون فيه بألا يكون العرض مجرد كلمات جوفاء أو خطوة من جانب الرئيس لتأكيد إعادة انتخابه.