كنت أعرف الحاج مصطفى كامل محمود كأحد مشاهير حكام كرة القدم على كل الأصعدة، دولياً وأفريقياً وعربياً، حيث كان صيته يملأ الأسماع والأبصار، ببصماته التي كان يتركها في كل مكان يعمل به، أو يذهب إليه.وفي عام 1983، حيث كنت أعمل محرراً بجريدة "عُمان" بمسقط، بدأت أول معرفتي له عن قرب، فقد كانت السلطنة تستعد لتنظيم بطولة كأس الخليج السابعة لأول مرة على أراضيها. وقرر المسئولون أن يستعينوا بشخصية إدارية على مستوى رفيع، ووقع الاختيار على الحاج مصطفى كامل محمود الذي كان يعمل في الإمارات.استعان بي حماد الغافري وكيل وزارة الشباب ومدير الدورة في ذلك الوقت أن اجري أول اتصال هاتفي مع الحاج مصطفى كامل محمود، لأعرض عليه المهمة، واستطلع رأيه بعد أن يستأذن المسئولين في الإمارات، وبعد عدة أيام رد الحاج مصطفى بالموافقة، وجاء إلى السلطنة وبدأ يؤدي دوره في وضع برنامج الاعداد للبطولة، بعد أن حصل على كل الصلاحيات. وأقيمت كأس الخليج، وحققت نجاحاً غير عادي بفضل تعاون كل الأجهزة والمؤسسات والوزارات العُمانية.ودون أن تمر فترات طويلة، توطدت العلاقة بيني وبين الحاج مصطفى، حتى أصبحنا لا نكاد نفترق يومياً، وامتدت العلاقة لتشمل الأسرتين، حيث كنا نتبادل الزيارات من آن إلى آخر. بقي الحاج مصطفى في السلطنة، وكان عضواً بارزاً في الأسرة الكروية، واستعان به السيد هيثم بن طارق الذي تولى اتحاد الكرة قبل كأس الخليج الثامنة بالبحرين 1986، وقبل هذه البطولة حدثت طفرة ملموسة في الكرة العُمانية من خلال فكرة السيد هيثم بن طارق، وزير الثقافة والتراث القومي حالياً، حيث استعان بمجموعة مدربين مصريين عملوا في المناطق وشكلوا منتخبات لها، وأقيمت بطولة بين فرقها، كشفت عن عناصر ممتازة. وكان للحاج مصطفى رأي في المدربين الذين رشحهم للسيد هيثم بن طارق وحضروا جميعاً إلى السلطنة، منهم فتحي نصير والشاذلي وعلي أبوجريشة وشوقي عبدالشافي وحافظ غباشي ولطفي نسيم ومحمد رياض ومحمد عبدالحميد وغيرهم. وبعد عودتنا من عُمان، لم تنقطع علاقتي مع الحاج مصطفى كامل محمود، بل ازدادت قوة ومتانة، واستمرت اللقاءات بيننا منتظمة، وإن قلّت الزيارات العائلية نظراً لكثرة عمله وسفرياته، ولانشغالي أيضاً. ورغم فارق التخصصات بيننا، إلا أنني تعلمت من الحاج مصطى أشياء كثيرة، لا سيما انه يتمتع بحسّ صحافي اكتسبه من التصاقه الشديد بالإعلاميين لدرجة أنه كان بمقدوره أن يوجه حديثه أو كلامه الى الشكل الذي يرضي من يتحدث إليه، بمعنى أنه لم يكن يعمد إلى اللون الرمادي الذي لا يعجب الصحفي أو الإعلامي، وإنما كان يميل إلى الألوان الواضحة التي لا تحتاج إلى جهد من أجل تفسيرها. تعلمت من الحاج مصطفى الدقة في استخدام الكلمة، وتعلمت منه كيف تصنع علاقة مع من هم في المجال بصورة تجعلها ممتدة، وتعلمت منه كيف تبذل الجهد المتواصل، وأن تحب عملك.أشياء كثيرة جداً استفدت منها في علاقتي بالحاج مصطفى محمود، تماماً مثل غيري.ومنذ أيام، جاءني خبر رحيل فارس من فرسان التحكيم العالمي، وليس العربي أو القاري أو الدولي فقط، لم أكن في القاهرة، وإذا بعيني تذهب إلى خبر انتقاله إلى جوارربه، وكانت صدمتي كبيرة وحزني عميقاً، ولكنها إرادة الله الذي لا راد لقضائه. * البيان الاماراتية