جاءت بيانات مبيعات التجزئة التي أعلنتها الحكومة الامريكية أمس الخميس لتؤكد مرة أخرى أن الاقتصاد الامريكي مازال يتلمس طريقه في الظلام للخروج من نفق الركود الذي دخله منذ وصول الرئيس جورج بوش إلى الحكم. وأعلنت وزارة التجارة الامريكية أن مبيعات التجزئة زادت بنسبة7ر0 في المئة خلال يوليو الماضي وأن التراجع في مبيعات يونيو الماضي لم تكن بنسبة 1.1 في المئة وإنما 5ر0 في المئة. ورغم لمسة التفاؤل في هذه البيانات إلا أنها لم تكن كافية على الاطلاق لتبديد المخاوف بشأن مستقبل الاقتصاد الامريكي. بلغت مبيعات التجزئة في الولاياتالمتحدة الشهر الماضي5ر336 مليار دولار بفضل انتعاش مبيعات الاثاث والسيارات والادوات والملابس الرياضية. وكان تراجع مبيعات السيارات نتيجة إلغاء شركات السيارات الكثير من المزايا والتسهيلات هو السبب الرئيسي لتراجع مبيعات التجزئة الامريكية في يونيو الماضي. في الوقت نفسه فإن الارتفاع الكبير في أسعار الطاقة منذ مايو الماضي أدى إلى انخفاض حجم الاموال المتاحة للمستهلكين لانفاقها خلال الصيف الحالي. من ناحية أخرى سجل إجمالي الناتج المحلي الامريكي نموا خلال الربع الثاني من العام الحالي بنسبة ثلاثة في المئة. وهذا معدل جيد مقارنة بمعدل النمو في غالبية الدول الصناعية الاخرى لكنه في الوقت نفسه مؤشر إلى أن الاقتصاد الامريكي يتحرك ببطء شديد في اتجاه الخروج من حالة الركود التي يعاني منها منذ عام 2001. وتزايدت المخاوف بشأن مستقبل الاقتصاد الامريكي عندما كشفت بيانات وزارة العمل الامريكية الاسبوع الماضي عن دخول 32 ألف فرصة عمل جديدة إلى سوق العمل خلال يوليو الماضي وهو عدد يقل كثيرا عن توقعات المحللين الذين كانوا ينتظرون دخول 200 ألف فرصة عمل جديدة إلى السوق. لكن زيادة مبيعات التجزئة في يوليو وتقلص معدل تراجع المبيعات في يونيو الماضي يمكن أن تهدئ قليلا من المخاوف التي أشعلتها بيانات سوق العمل. في الوقت نفسه أعلنت شركة وول مارت أكبر سلسلة لمتاجر التجزئة في العالم أمس الخميس تحقيق أرباح قياسية خلال الربع الثاني من العام الحالي وزيادة المبيعات بنسبة 1ر4 في المئة عن الفترة نفسها من العام الماضي. أما سلسلة متاجر تارجت كورب ثاني أكبر سلسلة لمتاجر التجزئة في الولاياتالمتحدة فأعلنت زيادة مبيعاتها خلال الاشهر الثلاثة الماضية المنتهية في 31 يوليو بنسبة 10 في المئة عن الفترة نفسها من العام الماضي. وجاءت الزيادة الكبيرة في أرباح وول مارت بفضل الاداء القوي لفروعها الخارجية. وبلغ صافي أرباح وول مارت خلال الربع الثاني من العام الحالي65ر2مليار دولار بما يعادل 62 سنتا للسهم الواحد مقابل 28ر2 مليار دولار بما يعادل 52 سنتا خلال الفترة نفسها من العام الماضي. وزادت مبيعات الشركة الامريكية 11 في المئة إلى 5ر70 مليار دولار. وفي ظل تضارب البيانات المتعلقة بالاقتصاد يبقى الناخب الامريكي في انتظار مزيد من وضوح الرؤية ليحدد المرشح الذي سيمنحه صوته في انتخابات الرئاسة المقبلة حيث يأمل الرئيس جورج بوش في تحسن الاقتصاد الامريكي بدرجة يمكن للناخب أن يلمسها ليعزز فرص فوزه بفترة ولاية ثانية خاصة أن منافسه الديموقراطي جون كيري يركز في حملته الانتخابية على تحميل بوش المسئولية عن تدهور الاقتصاد الامريكي. وكان بوش قد ورث عن سلفه الديموقراطي بيل كلينتون اقتصادا منتعشا وفائضا في الميزانية الامريكية ومعدل بطالة منخفضا للغاية. ولكن سنوات بوش الثلاث في الحكم رفعت عجز الموازنة إلى حوالي 500 مليار دولار ورفعت معدل البطالة إلى مستويات عالية مع خسارة سوق العمل الامريكي أكثر من مليوني وظيفة منذ وصول بوش إلى البيت الابيض.