لم تقتصر معرفة قدماء المصريين على العمارة والفلك والحساب، بل عرفوا الكثير عن القلب وتشريحه ولعل ذلك يرجع الى اهتمامهم بالتشريح السطحي للجسم البشري والذي كان يهم الفنان منهم اكثر من التشريح الداخلي والى اهمية تحنيط الجثث ايمانا بالبعث بعد الموت، فكان المحنط يشق البطن ويدخل يده في التجويف ليخرج منها محتوياتها دون تمييز الا انهم عرفوا عن القلب بعض خصائصه فكانوا يقولون عن النبض، ان القلب يتكلم وعن نبض الرقبة ان العنق يتكلم ولكنهم لم يدركوا الدورة الدموية وقد ذكروا ان المريض شاحب الوجه الذي يشكو من المعدة ومن الام في ذراعيه وصدره انه مهدد بالموت كما وصفوا هبوط القلب بورم في الرجلين. ثم جاء الصينيون بعد المصريين القدماء بين القرن الثاني عشر والثالث عشر قبل الميلاد حيث قاموا بشرح الدلالات المرضية لاعضاء الجسم عن طريق فحص النبض في مختلف الاعضاء ثم قامت الحضارة الاغريقية والحضارة الاغريقية الرومانية في القرن السادس قبل الميلاد لتبدأ اولى المحاولات في علم التشريح ووظائف الاعضاء ودراسة النباتات الطبية. ومن روادها المتميزين ابو قراط Hippocrates الذي وضع اسس التشخيص الطبي والذي مازالت بعض العلامات المرضية تدرس باسمه حتى يومنا هذا، وهو الذي وضع قسم الاطباء الذي يتلونه قبل مزاولة المهنة، ومن العلماء البارزين. جالينوس الذي بقيت تعاليمه الطبية مدة طويلة بعده الا ان جالينوس لم يدرك حقيقة الدورة الدموية، وظن ان اساسها الكبد لا القلب كما انه اعتقد ان الدم يتحرك في مد وجزر بين الكبد والبطين الايمن للقلب، حيث يمر جزء بسيط منه في فتحات غير منظورة في الحاجز البطيني ليصل الى البطين الايسر حيث يختلط ب (اكسير الحياة) من هواء التنفس الذي يصل الى البطين الايسر ثم يعود الى البطين الايمن ثم جاءت حضارة العرب من 860 1300 ميلادية ومن علمائها الرازي وكتابه الحاوي في الطب، وابن سينا وكتابه القانون في الطب وابن النفيس مكتشف الدورة الدموية الرئوية والتي تنسب خطأ الى ميشيل سرفينس، فقد وصفها ابن النفيس في منتصف القرن الثالث عشر في مجلده شرح التشريح، اما الاخر فقد وصفها بعده سنة 1553م، وقد علق ابن النفيس على ما ذكره ابن سينا وجالينوس في التشريح ونفى بكل تأكيد ثقوب الحاجز البطيني التي ابتدعها جالينوس كما اكد ابن النفيس ان القلب يغذي نفسه بواسطة شرايين خاصة به فكان اول من وصف الشرايين التاجية للقلب. @@ استاذ طب الاطفال واستشاري امراض الدم والسرطان