شكلت الحكومة اليابانية لجنة لتحليل تأثير ارتفاع اسعار النفط على الاقتصاد، حيث تشير الدراسات الى ان كل زيادة بواقع عشرة دولارات في اسعار النفط تؤدي الى تراجع نمو اجمالي الناتج المحلي الياباني بما يتراوح بين 0.2 و 0.3 نقطة مئوية. وبدأ المسئولون والاقتصاديون اليابانيون يشعرون بالقلق من ارتفاع أسعار النفط الى مستويات قياسية ولكن معظمهم يقول ان تراجع الاعتماد على النفط والقفزة الاخيرة في الانتاج الصناعي يعني أن بامكان الاقتصاد تحمل ارتفاع تكلفة النفط. ورغم أن من شأن استمرار الارتفاع لفترة طويلة أن يعقد الموقف فيما يتعلق بالاسعار والسياسة النقدية فان الخطر الرئيسي على اليابان. وهو خطر غير مباشر ناجم عن أي تباطؤ اقتصادي ناجم عن النفط في الولاياتالمتحدةوالصين وهما الوجهتان الرئيسيتان للصادرات اليابانية التي تقود قاطرة الانتعاش. وقال ازوسا كاتو الاقتصادي في بي.ان.بي باريبا في طوكيو: الامر لا يمثل أي خطر رئيسي بعد وان كان الامر يبدو مثيرا للقلق عندما تواصل الاسعار الارتفاع بهذا القدر ولهذا الوقت الطويل. ويقدر معهد دايوا للابحاث أنه اذا ارتفع النفط الى 45 دولارا للبرميل وظل عند هذا المستوى فستهبط أرباح الشركات اليابانية قبل احتساب الضرائب في السنة المالية الحالية التي تنتهي في مارس المقبل بمتوسط نحو ستة بالمائة. ويقول الاقتصاديون ان عدة عوامل تجعل الاقتصاد والشركات اليابانية أكثر مرونة مما كانت عليه في الماضي في مواجهة ارتفاع تكلفة الوقود. ورغم أن اليابان تعتمد بالكامل تقريبا على واردات النفط فانها لا تستهلك سوى نصف ما تستهلكه الولاياتالمتحدة من النفط على أساس متوسط نصيب الفرد بل وأقل من ذلك بالنسبة الى حجم اقتصادها. وساهم نظام وسائل النقل العامة الذي يتسم بكفاءة بالغة مما يحد من استخدام السيارات الخاصة ونقل انتاج المصانع الى الصين وتنامي الاعتماد على الطاقة النووية في تقليص الطلب الياباني على النفط خلال العقود القليلة الماضية. ويقول اخرون ان ارتفاع الانتاج الصناعي الذي زاد بنسبة 2.6% في الفترة من ابريل الى يونيو عن الربع السابق يعوض ايضا تأثير ارتفاع اسعار النفط. وقال ناوكي موراكامي الاقتصادي في جولدمان ساكس نظرا لان حجم الانتاج أعلى بكثير الان فان تأثير ارتفاع تكلفة الطاقة سيتلاشى تماما. صدمة نفطية من جانب أخر، قال مدير في البنك المركزي البلجيكي ان أسعار النفط ربما تكون قد ارتفعت الى مستويات قياسية ولكن الاسواق لا تواجه صدمة نفطية. وقال جان بيير بويلز علينا أن نتفق على التعريف ولكني لا أعتقد اننا نشهد الان صدمة نفطية.. على الاقل ليس حسب تعريفي الذي يعني انخفاضا رهيبا في العرض عن الطلب. ومضى قائلا: المستثمرون في السوق الاجلة بدأوا يغطون انفسهم لانهم يعتقدون أن الاسعار سترتفع كما أنهم يخشون توقف انتاج يوكوس اكبر مصدر للنفط في روسيا. لكن هذا هراء لان يوكوس تخضع بشكل ما لحراسة قضائية وليس من مصلحة أحد وقف الانتاج بل ان الامر على النقيض تماما من ذلك. وكان قرار السلطات الروسية السماح ليوكوس باستخدام حساباتها المصرفية لتمويل عملياتها قد بدد المخاوف من تعطل الانتاج الروسي مما أدى الى تراجع اسعار النفط أمس عن مستوياتها القياسية التي بلغتها مؤخرا. وقال بويلز انه يتوقع بقاء الاسعار عند مستويات مرتفعة نسبيا على المدى المتوسط. وأضاف أنه يرى ان النطاق السعري المستهدف لاوبك يرتفع من ما بين 22 و28 دولارا للبرميل الى ما بين 25 و 32 دولارا. وذكر بويلز أن قوة اليورو أمام الدولار تدفع ايضا الدول المنتجة للنفط والتي تسدد جزءا كبيرا من وارداتها باليورو الى العمل على ابقاء أسعار النفط المقومة بالدولار مرتفعة. الاقتصاد الالماني لن يتأثر وفي ذات الاطار اكدت المانيا ان الارتفاع المستمر لاسعار النفط لا يؤثر سلبيا على النمو الاقتصادي في البلاد منبهة في الوقت ذاته الى ضرورة وضع سعر النفط في محط الملاحظة والمراقبة. وقالت المتحدثة باسم وزارة الاقتصاد وشؤون العمل الالمانية اندريا فاينرت في ان "اسعار النفط المرتفعة لا تعني عملية حصد ضرائب من المستهلكين اذ ان الاسعار المرتفعة تجبر المستهلكين على تقنين سلوكهم تجاه السيارات الامر الذي يعني كذلك تحصيل الدولة لضرائب اقل مما لو كانت الاسعارمنخفضة". يذكر ان سعر برميل النفط الخام (159 لترا) الذي تنتجه منظمة الدول المصدرة للبترول (اوبك) يبلغ حاليا 33 ر 39 دولار. ونظرا لارتفاع اسعار النفط في الاسواق العالمية يعتقد خبراء الاقتصاد ان البنك الاوروبي المركزي ومقره مدينة فرانكفورت الجنوبية سيبقي على الفوائد الرئيسية للعملة الاوروبية المشتركة (يورو) على ما هي عليه. وحسب رأي الخبراء فان الفوائد المنخفضة لليورو تعمل على دعم النمو الاقتصادي الذي يتصف منذ حوالي ثلاث سنوات في منطقة اليورو بما في ذلك المانيا بالركود.