مضى ما يزيد على العام منذ تفجيرات الرياض الثلاثة والتي لم تشهد البلاد ولله الحمد سابقة مثلها قبل ذلك، إلا أن الأعمال الاجرامية لم تتوقف منذ ذلك التاريخ، فأعقبها تفجير آخر في شهر رمضان 1424ه ثم تفجير الوشم وكل ذلك في عاصمة البلاد وعاصمة التوحيد الرياض النيرة المعطاء حرسها الله من كل سوء ومكروه ثم ما تلا ذلك من حوادث متفرقة لم تسلم منها العاصمة المقدسة ولا المدينة النبوية المطهرة على ساكنها أفضل الصلاة والتسليم وكذلك بعض مناطق المملكة الغالية كالقصيم والجوف وأخيرا ما حصل في محافظتي ينبعوالخبر. كلام مفيد والكلام عن مثل هذه الحوادث قد يكون فيه كثير من الترديد والإعادة ولكن في الإعادة إفادة كما قالت العرب.. وبيان هيئة كبار العلماء حفظهم الله بعد حوادث التفجير الأولى شاف وواف بالموضوع، فقتل الأنفس المعصومة فضلا عن المسلمة محرم شرعا وعقلا فقد أخبر نبي الرحمة والهدى في الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه قوله (من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة) كما ورد عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال (لا يزال الرجل في فسحة من دينه مالم يصب دما حراما) وقال أيضا (لزوال الدنيا أهون عندالله من قتل نفس مؤمنة) بل ورد في تحريم أذية المعاهد بالايذاء القولي ما روي عنه عليه الصلاة والسلام (ومن سمع أي سمعه ما يكره سمع الله به يوم القيامة) ثم ان في تلك الأعمال ترويع للآمنين وقتل للأبرياء غير المكلفين واضاعة للأموال المحترمة، وان الممالئ في هذه الأحداث قد يكون له حكم المباشر. يد واحدة فالواجب الوقوف يدا واحدة ضد جميع ما يعكر صفو الأمن. هذه النعمة أعني نعمة الأمن دعا خليل الله أبو الأنبياء ابراهيم عليه السلام الى توفيرها قبل توفير الغذاء والشراب فقال سبحانه حكاية عنه (رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات..) الآية فالخائف لا يتلذذ بطعام ولا تغمض له عين ولايهنأ بعيش، والارهاب المنبوذ هو ما يحصل لدينا من أحداث والتي بينت حرمة وجرم مثل هذه الأعمال. وقد تكلم كما أسلفت كثير ممن كتب في أسبابها وعلاجها وقد يكون من ضمن الأسباب: قلة المتابعة والتوجيه لأمثال هؤلاء الشباب وهذا علاجه بإشغال أوقات الفراغ وتوجيههم التوجيه الاسلامي الصحيح وان من أشرف ما تشغل به الأوقات حفظ كتاب الله ودراسته وتأمله ودراسة السنة النبوية المطهرة على أيدي العلماء الربانيين وهم متوافرون ولله الحمد لدينا وفي هذا رد على من رأى أن مناهجنا هي التي تفرخ الارهاب فولاة أمرنا وعلماؤنا وجميع من تعلم في مدارسنا على مر العقود الماضية لم يوجد لديهم مثل هذه الأفكار أو اقرارهم لها، ومن تأمل فيمن يعملها لوجد أنه محدود التعليم ومتأثر بالأفكار التكفيرية غير الصحيحة الموجودة في خارج البلاد ومنهم من ألقى اللوم على مدارس تحفيظ القرآن الكريم المنهجية وغيرها ومن قائل المراكز الصيفية والمكتبات الاسلامية.. و.. و.. وهذه شنشنة تعرف من أخرم ولما طبل لها الغربيون بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر طبل لها تلامذتهم في الشرق والغرب وينطبق عليهم قول القائل: ==1== إذا قالت حذام فصدقوها==0== ==0==فإن القول ما قالت حذام==2== ولست بصدد الرد على مثل هذه الأقوال بعدما أشرت الى بطلانها اشارة مقتضبة فأقوالهم أعني من ألقى اللوم بحوادث الارهاب على ما ذكرته آنفا بينة البطلان ==1== وليس يصح في الأذهان شيء==0== ==0==اذا احتاج النهار الى دليل==2== توفير فرص العمل ومما يصرف به أوقات الشباب التكسب وطلب الرزق وهذه في نظري قد تكون من الاسباب الرئيسة فالفراغ والشباب مفسدة للمرء كما قال الشاعر ==1== ان الشباب والفراغ والجده==0== ==0==مفسدة للمرء أي مفسدة==2== ان الحفاظ على الضروريات الخمس هو مما جاء به الاسلام ولاشك ان التعدي على احدى هذه الضرورات ارهاب فالسرقة مثلا ارهاب للمجتمع جاء الشارع الحكيم بالعقوبة المناسبة لها ليسلم المجتمع ويأمن، ولما كان عام الرمادة في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأصاب المسلمين الضنك والجوع وضع عمر رضي الله عنه حد السرقة لأن من يسرق قد يكون محتاجا في ذلك العام، فإذا قل ما بأيدي الشباب ولم يجد وظيفة يسد بها رمقه ربما يقدم على أعمال ارهابية بعد ان يستغله من يتربص بهذه البلاد الدوائر. وأخيرا: ما العمل مع أمثال هؤلاء وهل يكون البطش والقتل هو الطريق الوحيد لهم أسوة بماعملوه؟ والجواب عن ذلك في نظري أن من تلبس بمثل لهذه الأعمال من قتل وتخريب وتمت القدرة عليه فان القتل مصيره وآية المحاربة واضحة البيان والاستدلال أما من التبس عليه أمر هذه الفئة فإن الحوار والنقاش معه من أنجع الأسباب وأنجحها فقد ناقش علي رضي الله عنه الخوارج الذين خرجوا عليه وقتلوا عبدالله بن خباب بن الارت لماحدثهم بعد طلبهم بحديث سمعه من أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال عنه عليه السلام (ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم والقائم خير من الماشي والماشي خير من الساعي فمن استطاع أن يكون فيهامقتولا فلا يكونن قاتلا) فقتله رجل من الخوارج حتى سال دمه كالشراك فوق ماء النهر الى الجانب الثاني ثم قتلوا ولده وجاريته أم ولده ولما خرج اليهم علي رضي الله عنه في أربعة آلاف وطلب منهم تسليم قتلة عبدالله بن خباب بن الارت رفضوا ذلك وقالوا لو ظفرنا بك لقتلناك وكانوا اثنى عشر ألفا فقال لهم ما تنقمون مني وعدوا عليه أربعة أمور استحلاله للأموال دون النساء والذرية بعد وقعة الجمل ومحو امرة أمير المؤمنين عنه في الكتاب الذي بينه وبين معاويه رضي الله عنه وقوله للحكمين ان كنت أهلا للخلافة فاثبتاني وأخيرا لماذا حكمهما في حق هو له فأجاب رضي الله عنه عن جميع ما ذكروه حتى رجع منهم ثمانية آلاف، كماناقش ابن عباس رضي الله عنهما الخوارج في فتنة ابن الأشعث وكانوا اثنى عشر الفا ورجع منهم عشرة آلاف شخص فالنقاش مع هؤلاء أولى وأهم من النقاش مع الخوارج فهم أبناؤنا كما قال ذلك ولي العهد حفظه الله ورعاه، ومن الناس من يشبههم بالخوارج ثم يرفض فكرة مناقشتهم ودحض شبههم. وهم في نظري بغاة وليسوا خوارج فالخوارج كما عرفهم أهل العلم: قوم لهم شوكة وصفة خرجوا على الامام بتأويل سائغ وهذا لا ينطبق عليهم ثم ان الخوارج أول ما يقتلون أهل الاسلام والصلاح كما في القصة التي أوردتها سابقا مع أمير المؤمنين علي رضي الله عنه؛ وهم حسب ما يعلنون يقتلون الكفار!! وقد يقول قائل: انهم غير معروفين وهم خفافيش يعيشون في الظلام فكيف تتم مناقشتهم؟ فأقول ان فكرهم ومنهجهم موجود بين ظهراني عدد من الشباب ومن تلبس عليه الحق بالباطل فمناقشة الفكر والمنهج أهم من مناقشة الأشخاص، ثم ان مناقشة المنهج وبيان بطلانه يؤدي في الأخير الى ظهورهم ومناقشتهم علنا ورجوعهم بإذن الله الى الطريق الصحيح السوي هذا ما أحببت أن أشارك فيه فإن يكن حقا فمن الله وحده وان يكن الاخرى فمن نفسي والشيطان وأسأل الله سبحانه أن يحفظ بلادنا ويديم عليها نعمة الأمن والايمان وأن يرد كيد الأعداء في نحورهم ويجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن والسلام عليكم ورحمة الله. * القاضي بالمحكمة العامة بمحافظة الخبر