وجهت الازمة في غرب السودان لطمة للعلاقات التي كانت قد بدأت في التحسن بين واشنطنوالخرطوم التي تواجه الآن فرض مجموعة جديدة من العقوبات عليها ما لم تتمكن الحكومة من وقف تدهور الاوضاع. وكان التقدم الذي أحرز باتجاه انهاء الحرب الاهلية الدائرة منذ 21 عاما في الجنوب وتعاون الخرطوم مع الحرب الامريكية على الارهاب قد بعث الدفء في العلاقات مع واشنطن التي فرضت عقوبات اقتصادية في عام 1997 على السودان باعتباره دولة راعية للارهاب. لكن واشنطن تقود الآن الجهود لمحاسبة السودان بشأن ما يحدث في منطقة دارفور بغرب البلاد حيث يزعم الكونجرس الامريكي ان الحملة العسكرية التي تقوم بها الميليشيات العربية هناك بانها إبادة جماعية. وتهدد مسودة قرار للامم المتحدة عرضتها واشنطن بفرض المزيد من العقوبات على الخرطوم ما لم تتخذ اجراء بشأن دارفور. وقال دوجلاس جونسون مؤلف كتاب بعنوان (الاسباب الجذرية للحروب الاهلية السودانية) انها انتكاسة كبيرة للخرطوم. وأضاف: الحكومة السودانية كانت في وضع من يثنى عليه لتعاونه في الحرب على الارهاب وكانت تضع نهاية لحرب. لكن كل ذلك تبدد الآن. واحرزت الخرطوم ومتمردون من الحركة الشعبية لتحرير السودان على مدى العامين الماضيين تقدما كبيرا باتجاه انهاء الحرب الاهلية في الجنوب. وأسهمت الضغوط الامريكية في تسريع احراز تقدم. وقال جونسون كان هناك العديد من الجماعات داخل أوروبا وحتى داخل الولاياتالمتحدة تتطلع لاقامة اعمال في السودان. ويسعى السودان لاجتذاب الاستثمارات الاجنبية لتطوير صناعة النفط التي تخلت عنها الشركات الغربية بسبب مخاوف حملة الاسهم من عدم استقرار الاوضاع السياسية . ويقول المحللون ان السودان لديه على الاقل مليارا برميل من النفط القابل للاستخراج. وقالت واشنطن العام الماضي انها ستراجع العقوبات المفروضة على السودان اذا توصل لاتفاق مع الحركة الشعبية لتحرير السودان حتى بعد بدء المتمردين في دارفور انتفاضة منفصلة واتهمت الخرطوم بتسليح الميليشيات العربية المعروفة باسم الجنجويد. وقال جيه. ستيفين موريسون: مدير برنامج افريقيا بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن الاتفاق السابق لم يعد مطروحا ومن الصعب في الاجل القصير تصور نوع الاجراءات التي يمكن اتخاذها. وأضاف موريسون خطأ الخرطوم في الحسابات هو الاساس الذي يرجع اليه كل ما حدث. وتابع لدينا تعبئة استثنائية في الولاياتالمتحدة خاصة بين النشطاء الامريكيين من ذوى الاصول الافريقية والزعماء الدينيين المحافظين. وكانت جماعات الضغط هذه هي نفسها التي دفعت واشنطن للضغط على الخرطوم لمتابعة خطى السلام في الجنوب. وقال السودان ان المخاوف الدولية بشأن دارفور وغالبية سكانها من المسلمين تهدف الى تقويض الحكومة الاسلامية برئاسة عمر حسن البشير. وبلغت العلاقات الباردة بين واشنطنوالخرطوم التي استضافت اسامة بن لادن في الفترة من 1991 الى 1996 أسوأ مراحلها عندما شنت واشنطن هجوما صاروخيا على مصنع أدوية قالت انه على صلة بابن لادن ويصنع مكونات لاسلحة كيماوية. واستؤنف الحوار الثنائي في عام 2000. ورفعت واشنطن في مايو اسم السودان من على قائمة سوداء للدول التي تقول انها لم تتعاون في حربها على الارهاب. لكنها لم ترفع اسم السودان من على قائمة اخرى للدول التي تقول انها ترعى الارهاب لان الخرطوم لم تقطع علاقاتها بالكامل مع الجماعات المناهضة لاسرائيل مثل حركة المقاومة الاسلامية (حماس). وتقول واشنطن ان تطبيع العلاقات مع الخرطوم معلق الآن على علاج مشكلة دارفور بصرف النظر عن اتفاق السلام في الجنوب. وقال مراقب غربي السودان لا يمكنه جني فوائد السلام كاملة ما لم يحقق السلام في دارفور. ويقول المحللون ان الضغوط التي تفرضها واشنطن ودول اخرى بشأن دارفور حيث تقول الاممالمتحدة ان 30 الفا قتلوا ومليونا شردوا قد يعطل أو يقوض الجهود لانهاء الحرب في الجنوب. ووقعت الحركة الشعبية لتحرير السودان والحكومة في مايو آيار اتفاقات تمهد الطريق لانهاء أطول حرب أهلية دائرة في افريقيا والتي سقط فيها ما يقدر بمليوني قتيل اساسا بسبب المجاعات والامراض وشردت أربعة ملايين آخرين. وقال موريسون الشكل الذي يتطور به الوضع يقلل الدوافع لتوقيع اتفاق على الفور... الخرطوم لا تتوقع الآن المكافأة الكبيرة التي كانت ستحصل عليها قبل بضعة أشهر فيما يتعلق بالتطبيع. وأضاف والجبهة الشعبية لتحرير السودان قد تكون قلقة من توقيع اتفاق مع حكومة قد تصبح ضعيفة بشكل كبير بسبب العقوبات في المدي القصير او المتوسط. وقال ابراهيم درغش مستشار وزارة الخارجية السودانية ان فرض عقوبات قد يعطل حسم اتفاق في الجنوب لان الخرطوم ستنشغل باحتواء الاثار السلبية للعقوبات. وأضاف إذا فرضت العقوبات سيذهب السلام في الجنوب مع الريح. سيتعطل لانه لن يحظى بالأولوية. الجنجويد أعلنت الخرطوم انهم قتلة ولصوص وستوقف هجماتهم