عضل الأرض في اللغة: عضل يعني «ضيق عليه، وحال بينه وبين مراده. وللمرأةَ: منعها التزوّج ظلماً»، وقياسا على الأرض هو أن يحبس الأرض ويمنعها من التطوير رغبة في زيادة ثمنها. وما دعاني لهذه المقارنة ما يعتقده عدد من العقاريين المخضرمين الذين عاصروا المراحل المختلفة لتطور صناعة العقار بالمملكة، بأن الأرض تفقد عذريتها عندما يبنى عليها، حيث يرون أنها تفقد قيمتها وبريقها. لذلك حرص عدد منهم على الاحتفاظ بالأراضي لفترات طويلة دون البناء عليها رغبة في ارتفاع ثمنها، مما يفوت الفرصة على تنمية المدينة وتطوير المناطق الرئيسية والحيوية منها. وأنا هنا أتحدث عن الأراضي التي تقع على شوارع رئيسية وسط المدن ومكتملة الخدمات. وعندما نحاول تحليل هذه الفرضية للعقاريين من الناحية الاستثمارية نجد أنها تحمل الكثير من الصحة في ظل البيئة الاستثمارية والتنظيمية في المملكة، فالأرض عندما يتم البناء عليها تتحول إلى منتج استثماري يقيم بالعوائد التي يدرها بغض النظر عن طبيعة الأرض وقيمتها. فقيمة الأرض لدينا تستمر في الارتفاع والتألق حسب نمو وتطور المنطقة التي تقع فيها والشوارع المحيطة بها، وتكون كالجوهرة كثير خطابها وسهل بيعها، ولكن عندما يبنى عليها تبدأ قيمة العقار بالتراجع مع مرور الزمن حتى تعادل قيمة العقار قيمة الأرض المقام عليها، وهذا عكس ما يحدث في دول أخرى حيث تستمر قيمة العقار بعد بنائه في النمو والارتفاع لعشرات السنين. ولا يتسع المقام لشرح أسباب الاختلاف بين بيئتنا العقارية والبيئات الأخرى، ولكن الحقيقة التنموية المهمة هي أن الأرض لا تكون منتجة إلا بعد أن يتم البناء عليها حيث يستفيد المجتمع والمالك والاقتصاد منها، وتجمل أفق المدينة بعمارتها وجمالها. لذلك فإن عضل الأرض وعدم البناء عليها يضر بالمجتمع وبالتنمية وخصوصاً الأراضي وسط المدن والمكتملة الخدمات والتنمية. وحتى نحقق التنمية الشاملة لمدننا ونحقق تعاون بين البلديات وملاك الأراضي يساهم في تحويل الأراضي الفضاء إلى مشاريع عقارية منتجة، لابد للجهات التشريعية أن تأخذ بعين الاعتبار وجهة نظر العقاريين في عضل الأرض ليس فقط طلباً في ارتفاع قيمتها، بل أيضا تجنباً لصعوبات وعقبات ومخاطر البناء عليها، وهروبا من الإجراءات البيروقراطية البطيئة وتبعاتها، بأن تعمل على تشجيع وتسهيل وتحفيز أصحاب الأراضي في وسط المدن وعلى الشوارع الحيوية على بناء مشاريع تخدم المدينة وترتقي بها وتسهم في توفير منتجات عقارية منتجة توفر المسكن والمكتب والمعرض والفندق وغيرها لتعزيز التنمية الاقتصادية. إن النظرة القاصرة باستخدام العصا وفرض الرسوم فقط قد لا تكون مفيدة، وقد تسهم في ارتفاع أسعار الأراضي واستمرار عضلها، ولكن التحفيز والتسهيل والتشجيع من خلال برامج تنموية وحوافز اقتصادية قد يسهم بشكل أكبر في تحويل الأراضي الفضاء إلى مشاريع عقارية ناجحة وقيمة للمالك والمدينة. ولا بد من التنويه أن هناك أسبابا أخرى لوجود أراض بيضاء وسط المدن مثل أراضي الورثة والأوقاف والأراضي محل نزاعات وغيرها، ولكن من المهم أن تبادر الجهات التخطيطية بتطوير تشريعات تحفز على تطوير هذه الأراضي باستخدام الجزرة والعصا وتكافئ المشاريع المتميزة لتتكامل التنمية والتطوير وتكتمل لوحة المدينة وتتألق بمشاريعها العمرانية المبدعة. [email protected]