في مثل هذه الايام رحل عنا الفنان والموسيقار محمد الموجي حيث ترك لنا تراثا موسيقيا ليغذي الاغنية العربية بمئات الالحان ويصبح واحدا من ألمع اقطاب الموسيقى الشرقية العربية المعاصرة فهو من بين قلة ارتبطت اسماؤهم بأجمل الاغنيات مثل ام كلثوم وعبدالحليم حافظ وصباح ونجاة وفايزة احمد وليلى مراد وشهرزاد ووردة وشادية وميادة الحناوي وعزيزة جلال وغيرهم من نجوم ونجمات الغناء والشدو على امتداد الاراضي العربية وصاحب الابداعات اللحنية الجميلة والاكتشافات الصوتية التي اثرت الاغنية والغناء في الوطن العربي كله. مولده ولد محمد الموجي سنة 1923 في احدى قرى مركز بيلا بمحافظة كفر الشيخ وكان منذ صغره يميل الى الغناء وهو في سن مبكرة ولحسن حظه توافرت آلة العود وآلة الكمان والقانون في منزل ابيه ومن هنا اجاد الموجي العزف على آلة العود من سماعه لابيه وهو يعزف كما كان عمه هو الاخر يهوى الفن ويمتلك مكتبة موسيقية تضم اسطوانات نجوم الغناء مثل الشيخ يوسف المنيلاوي وعبدالحي حلمي وسيد درويش وكان يقضي اوقاته يستمع الى الاسطوانات. ثم التحق بمدرسة الزراعة بشبين الكوم وحصل على الدبلوم عام 1944 وعين مهندسا زراعيا بمصلحة الاملاك الاميرية ولكن حبه للموسيقى جعله يغير مسار حياته وكان مفتونا بصوت عبدالوهاب والحانه وحفظ العديد من اغنياته وتعلم العزف على العود ودرس المقامات والايقاعات الموسيقية وطرق ابواب الاذاعة لاعتماده مغنيا ولكن موهبته الابداعية تفوقت على موهبته الصوتية فأجيز ملحنا. عاشق الموسيقى وغنى عبدالحليم حافظ اول الحانه بالاذاعة وشاركه مشواره الفني وقدم له الموجي ايضا عشرات الالحان التي رسخت في وجدان المستمعين وابدعوا معا اجمل الاغنيات التي ما زالت محفورة في الذاكرة العربية منها على سبيل المثال (ظالم، وصافيني مرة، وبتقول بكرة، ونار يا حبيبي نار، وجبار، وقارئة الفنجان، ورسالة من تحت الماء) وكون مع الشاعر مرسي جميل عزيز واحمد فؤاد حسن وكمال الطويل فريقا غنائيا موسيقيا لتبدأ مرحلة جديدة في الغناء العربي حملت عبدالحليم حافظ الى مصاف النجوم الاكثر رواجا وشهرة في تلك الفترة. وغنت له صباح اغنية (الدوامة، وب فتحة ب، والغاوي ينقط بطاقيته، والراجل ده حيجنني) كما غنت له شادية وفايزة احمد ونجاح سلام وشهرزاد. وامتدت يده بالالحان الجميلة الى سيدة الغناء العربي ام كلثوم فغنت له (رابعة العدوية، ومحلاك يامصري، وللصبر حدود، واسأل روحك، ويامصر الحق جاء) واشترك محمد الموجي في حقل السينما بتجربتين الاولى في فيلم (انا وقلبي) مع مريم فخر الدين وعماد حمدي والثانية في فيلم (رحلة غرامية) مع مريم فخر الدين ايضا واحمد مظهر وشكري سرحان والفيلمان للمخرج محمود ذو الفقار. المسرح الغنائي وفي عام 1970 شارك في المسرح الغنائي فقد كانت لمحمد الموجي جهود مؤثرة في حقبة زمنية قلت فيها الاعمال المسرحية الغنائية فلحن عددا من الاوبريتات قدمتها الفرقة الغنائية الاستعراضية نذكر منها (وداد الغازية، الشاطر حسن، حمدان وبهانة، ودنيا البيانولا، ممنوع الكروان، وهدية العمر، وملك الفجر، وملك الشحاتين، وعلى فين يادوسة) وآخر مسرحياته التي قام بتلحينها قبل وفاته بعام هي (الخديوي) وقد اعدت عن محمد الموجي دراسة علمية تقدمت بها ابنته الهام محمد الموجي للمعهد العالي للموسيقى بأكاديمية الفنون وحصلت على درجة الماجستير وكان موضوع الرسالة (اسلوب محمد الموجي في التلحين). وانشأ مدرسة الموجي لرعاية الاصوات الجديدة عام 1962 وخرج فيها العديد من المواهب منهم مها صبري وشريفة فاضل وعايدة الشاعر وليلى جمال وماهر العطار ومحمد سامي وعبداللطيف التلباني. وقد بلغ رصيده من الالحان 1000 لحن و5 اوبريتات اذاعية و6 اغنيات تليفزيونية هذا الارث الكبير ساهم في تحويل الموجي الى صانع نجوم الاغنية العربية وظل طوال حياته يبحث في عقله الفني وفي جميع احاسيسه ومشاعره عما يعيد المثالية الى الاغنية وقد امتازت الحان الموجي بشفافيتها ونبراتها الوجدانية وقوة شكلها التأليفي وامانتها للنغمة الشرقية الصافية فهو من عشاق آلة العود وهو الذي اعاد هذه الآلة الى الفرقة الموسيقية التي كانت ترافق ام كلثوم بعد وفاة القصبجي. وقالت عنه ام كلثوم انه نهر لا يجف فعلا فكان غزير الانتاج واعماله تمتاز بالاصالة الى جانب التطوير.. وقال عنه عبدالوهاب انه صانع النجوم وان موسيقاه تثري المكتبة الموسيقية العربية وقيل عنه ايضا: جوهرجي النغم وفارس النغم وحصل على العديد من الاوسمة والجوائز والنياشين في مصر والدول العربية منها وسام العلوم والفنون عام 1966 ووسام الاستحقاق من الدرجة الاولى تقديرا لجهوده الفنية. وسوف تظل ألحانه تمتعنا عبر حناجر الاصوات الجميلة والمطربة. عبدالحليم حافظ سيد درويش