يحرص ابو بكر نداي محافظ دار العبيد في جزيرة غوري ان يكون دائما في مقدمة مستقبلي زوار هذا المكان الذي ظل لثلاثة قرون شاهدا على الجريمة التي ارتكبها الغرب في حق الافارقة وبيعهم واسترقاقهم. وماتزال جدران بيت العبيد تروي معاناة ملايين الافارقة الذين اقتلعهم تجار الرقيق الاوروبيون من جذورهم وباعوهم عبيدا للامريكيين لتقوم على اكتافهم الولاياتالمتحدةالامريكية ومازالوا يتعرضون للاضطهاد والاهانة على ايدى السلطات الرسمية رغم قانون تحريم الرق. من باب اللاعودة وهو باب خلفي صغير لبيت العبيد يطل مباشرة على البحر روى ابو بكر نداي لوكالة الانباء الكويتية (كونا) التي زارت المكان بألم كيف ظل عتاة النخاسين الهولنديين والانجليز والفرنسيين والبرتغاليين وغيرهم يسوقون الافارقة كقطعان البهائم في بواخر تعبر المحيط مؤكدا ان المرء لا يمكنه ان يظل الشخص ذاته بعد ان يزور هذا المكان الذي يظل شاهدا على وصمة عار في جبين الانسانية0 ويقع بيت العبيد الذي اصبح حاليا متحفا عالميا لتاريخ النخاسة تجارة الرق الغربية بكل قسوته ووحشيته في جزيرة غوري قبالة ساحل العاصمة السنغاليةدكار والمصنفة من قبل منظمة الاممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) في سبتمبر 1978 تراثا عالميا للانسانية0 ولا يبدو حاليا ان ثمة شيئا تغير في هذه الدار المتواضعة فهي ما تزال تحتفظ بمعمارها وهندستها الداخلية وابواب الزنانات التي تروي معاناة تاريخ النخاسة في افريقيا0 واكتسبت دار العبيد بجزيرة غوري اهميتها كأبرز مركز لتجارة العبيد الاوروبية في كامل منطقة غرب افريقيا بالنسبة للنخاسين الاوروبيين خلال ثلاثة قرون من اهمية جزيرة غوري ذاتها التي كانت بالنظر لموقعها الجغرافي المتميز معقلا صرفا لتجمع النخاسين الاوروبيين والبواخر على الطرق البحرية الكبرى القادمة من اوربا وامريكا في اتجاه افريقيا واسيا0 وتتكون هذه الدار التي توجد في زقاق هادئ بهذه الجزيرة التي ما تزال تحتفظ بكل مميزات المعمار الكولونيالي من طابق سفلي يتضمن مدخلا وبهوا لتجميع من يتم تجهيزهم للبيع في اسواق اوروبا وعزلهم حسب البنية الجسدية والجنس والعمر ليدخلوا في غرف صغيرة حيث يزج بهم في انتظار اتمام صفقات البيع وقدوم البواخر التي يكدسون فيها عبر باب اللاعودة0 ويوجد بالدار طابق علوي واحد يضم مسكن النخاسين وقاعة تجمعهم لابرام صفقاتهم وايضا لممارسة اللهو على انين المئات من الاشباح البشرية المكسدة في الطابق الارضي0 وما تزال بصحن الدار زنزانات معزولة حيث كانت تتم عمليات وزن المرشحين للتهجير القسري واخرى لعزل وتعذيب المتمردين منهم وقال محافظ الدار ابو بكر نداي لوكالة الانباء الكويتية /كونا/ ان عدد الذين مروا بهذا المكان في اتجاه الامريكتين يفوق 20 مليون شخص غالبيتهم من ذوي البنيات الجسدية القوية والشبان وخصوصا من قومية الياروباس الذين يعيشون شرق بنين وجنوب غرب نيجيريا والمفضلين بالنسبة للنخاسين بالنظر لما هو معروف عنهم من تمتعهم بقوة جسدية0 واضاف المحافظ نداي انه بالنظر لنقص الرعاية والاكل كانت الامراض سرعان ما تنتشر في صفوف المحتجزين في انتظار عبورهم لباب اللاعودة فيلقى المنهكون منهم من لا يتوسم فيه مواصلة الرحلة طعاما لسمك القرش والشيء نفسه خلال الرحلة الجهنمية في بواخر تعبر المحيط لاسابيع نحو الامريكتين اذ لا يستطيع سوى نصف المرحلين الصمود لهذا السفر الى الجحيم مكدسين في قعر السفن والاغلال في ايديهم0 وتابع في هذه الدار كان الافارقة يدخلون اليها باسمائهم ويخرجون منها يحملون رقما ترتيبيا كهوية وبمجرد وصولهم الى المزارع يعرفون باسم سيدهم الابيض وحتى لو تم نقل اسرة واحدة على متن باخرة يتم تفريقهم لاحقا مذكرا ان هذه الممارسات وقعت في عصر التنوير عندما كانت اوروبا تصدح بان كل الناس يولدون احرارا متساوين في الحقوق0 ولا يفصل جزيرة غوري عن دكار سوى ثلاثة كيلومترات اي مسافة ربع ساعة في مركب ومساحتها 28 هكتارا وابرز ما يميزها انه لا يوجد بها سيارات وذلك لصغر حجمها ويسر مسالكها كما ان سكانها الذين كانوا في سنة 1832 نحو 5000 نسمة لم يعودوا حاليا اكثر من 600 شخص غالبيتهم يعيشون على الانشطة السياحية والبعض منهم من اعيان السنغال الذين اقاموا بها سكنا ثانويا0 وقد كان البرتغاليون اول من احتل جزيرة غوري التي يسبق وجودها العاصمة السنغاليةدكار لكن الهولنديين هم اول الاوروبيين الذين استقروا فيها بصفة دائمة منذ سنة 1627 واطلقوا عليها اسم غوري اي المرسى الجيد وهم ايضا من طوروا بها تجارة الرقيق فاصبحت نقطة لتخطيط عمليات تجميع الافارقة من بلدان غرب افريقيا ثم اجبارهم على العبودية 0 وفي 1677 احتلها الفرنسيون وبعدهم الانجليز الذين مكثوا فيها ثلاثين سنة قبل ردها الى فرنسا في 1817 وبعد اعلان بريطانيا تحريم تجارة الرق عام 1848 عندما رأت ان الرقيق قوة انتاجية ضخمة إبان حرب الامريكيين الذين كانوا تحت الاحتلال البريطاني لسحب البساط من تحتهم ثم اعلن ابراهام لينكولن في امريكا تحريرهم لهزيمة منافسيه في مقاطعات الجنوب مركز استغلال العبيد في مستعمرات زراعة القطن وقصب السكر والرعي.