برزت في ثلاثينيّات القرن الميلادي الماضي العديد من المفاصل الحاسمة في تحولات المُجتمع البحريني (والخليجيّ)، ومن ذلكم تآكل طبقة التجّار الكبار والمُتوسطين المُعتمدين على تجارات اللؤلؤ، وفي ثنايا تلك الآثار قامت الغرفة التجارية على أكتاف عدد معدود من الطبقة الجديدة من تجّار السوق، ولكنها قامت، واستمرت إلى اليوم، من غير أسنان ولا أظافر، لأن السلطة الحاكمة، لسبب موارد البترول الجديدة، استغنت عن التجّار، فأقصتهم إقصاءً بعيداً عن موقع القرار، باستثناء بعض المُجاملات الاجتماعيّة وشيء من البروتوكولات. الآنّ مع العهد الجديد هنالك حديث، آخذ في الشيوع، عن "دورٍ مّا" تريد الطبقة المُتسيّدة في الغرفة أنء يلعبه "التجّار" أو "القطاع الخاص" أو الغرفة في الشأن السياسيّ، وعلى وجه الخصوص على ساحة المجلس النيابي، ويبدو أن بعض الجهود العمليّة والمُحاولات والاستطلاعات بدأتء في الأيّام الأخيرة تتدحرج عجلاتها في هذا الاتجاه، على الرغم من عدم خلوّ مجلس النوّاب البحريني من "تجّار"، إلا أنّ المرغوب على ما يظهر هو تكتل في البلاد أكثر تنظيماً. مصطلحات "التجّار" و"القطاع الخاص"و"الغرفة" تنطوي على غموض شديد وتناقضات، أهمها التناقض الطبقيّ، فليس في الإمكان هاهنا البتة الحديث عن "كتلة تجاريّة"، متكاملة ومنسجمة في مصالحها وطموحاتها، بل الواقع، على هذا الصعيد، هو خليط متنافر، بدءاً من كبار التجار، أرباب الرأسمال الكبير، أصحاب الملايين والبلايين، مروراً بالتجّار المتوسطين وأشباه المتوسطين، تعويلاً على المواسم والتقلّبات، وانتهاءً بأصحاب الدكاكين الصغيرة وصغار الباعة، وهذه شريحة إنء لم تكن في الغالب فقيرة، فهي شديدة الهشاشة تتحرّك على تخوم الفقر وتغرقها أضعف موجة في السوق غير مُتوقعّة. فَليُقلء بصراحة إنّ المرغوب فيه هو أسنان وأظافر للرأسمال البحرينيّ الكبير، هكذا وحسءبُ، وما عدا هذا القول فهو مغالطات وممازحات ليست خفيفة الدم. كاتب بحريني